فلو أن أهل الميت تطاول بهم الحزن فإن التعزية تشرع حينئذ ولو بعد ثلاثة؛ لأن المقصود ما تقدم من تقوية المصاب وتسليته وحثه على الصبر وهذا – في الحقيقة – ليس لها مدة محددة لا يشرع بعدها.
إذن الصحيح: أن التعزية ليس لها أمد بل متى احتاج إليها المصاب عزي ولو كان ذلك بعد موت ميته بزمن متطاول.
لكن إن كانت لا فائدة منها إلا تهييج الحزن، فإنها لا تفعل ولو كان ذلك بعد يومين أو قبل ثلاثة أيام.
وأباح الحنابلة أن يتميز المصاب بثوب أو نحو ذلك ليعزى، فلا بأس أن يشهر بثوب ونحوه.
واستنكر هذا بعض الحنابلة وشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وأن ذلك ليس من فعل السلف الصالح فليس من هديهم إشهار المصاب بثوب، فلا أصل له من فعل السلف فكان من البدع المحدثة – وهو الصحيح.
- والمشهور والصحيح في مذهب الحنابلة أنه لا بأس أن يؤخذ بيد المصاب للمصافحة أو نحوها.
ومثل ذلك ما يشتهر عندنا من المعانقة، فلا بأس بها على قاعدة المذهب.
وكرهه بعض الحنابلة، والأظهر جوازه وأن هذا ليس من باب العبادة وإنما من باب العادة.
قال: (ويجوز البكاء على الميت)
لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: (ذرفت عيناه لما قبض إبراهيم – ابنه – وقال: (هذه رحمة ثم قال: إن العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم – في الصحيحين – (إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم وإن الميت ليعذب ببكاء أهله) .
واستحب شيخ الإسلام البكاء على الميت؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - – أن ذلك أكمل مما حدث من بعض التابعين كالفضل من فرحه بموت ابنه أي لإظهار الرضا وكان من كبار التابعين أو أتباعهم، لكن السنة ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.