قال: (ويحرم فيه دفن اثنين فأكثر)
واستدلوا: بما ثبت في الصحيحين عن هشام بن عامر رضي الله عنه قال: (لما كان يوم أحد شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: إن الحفر لكل إنسان شديد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفروا وأعمقوا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر الواحد) .
قالوا: فهذا يدل على أن الأصل أن يقبر الميت في قبره وحده، وهذا كما فعل بعثمان بن مظعون وغيره من الصحابة.
وما ذكره الحنابلة من نظر.
فقد وجد جمهور أهل العلم وهو اختيار المجد بن تيمية واختار ابن عقيل وشيخ الإسلام: إلى أن ذلك للكراهية، فيكره أن يدفن في القبر الواحد اثنان فأكثر من غير تحريم، وهو الراجح.
لأن ما ذكره الحنابلة لا يقوى على تحريم ذلك، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم – من دفنهم في قبر واحد – يدل على مشروعية ذلك واستحبابه من غير أن يدل على أن خلافه محرم وأنه يجب أن يدفن الميت في قبر واحد.
فعلى ذلك – كما ذهب جمهور العلماء واختاره طائفة من أصحاب أحمد كالمجد بن تيمية وابن عقيل وصاحب الفروع وشيخ الإسلام - أنه لا بأس بذلك لكنه مكروه.
أما عند الحاجة إليه فلا بأس، كأن يكثر القتلى إما لوباء أو لقتال أو نحو ذلك فيشق على الناس أن يخصوا كل ميت بقبر، فيدفنوا الاثنين والثلاثة بقبر واحد فلا حرج.
قال: (ويجعل بين كل اثنين حاجز من تراب)
لم أر دليلاً يدل على ذلك ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أو أمر به لما دفن قتلى أحد على الطريقة المتقدمة.
وعللوا ذلك: بأن هذا يجعل كل واحد منهما بمنزلة من له قبر مختص به – ولا بأس بذلك لكن من غير أن يقال باستحبابه فلم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مسألة حكم نبش القبر؟