الرواية الثانية: أن ذلك مكروه، وهو مذهب طائفة من الصحابة والتابعين.

الرواية الثالثة: أن ذلك محرم.

ودليل هاتين الروايتين ما رواه الطبراني في الأوسط والضياء في المختارة عن أنس رضي الله عنه: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة على الجنائز بين القبور " (1) وإسناده حسن.

وأصح هذه الأقوال: القول بكراهية ذلك، وأن هذا النهي يحمل على الكراهية لما تقدم من فعل الصحابة رضي الله عنهم، وللفرق بين الصلاة ذات الركوع والسجود وبين الصلاة على الجنائز بين القبور، فإن الصلاة ذات الركوع والسجود يخشى فيها ما يخشى من فتح باب الشرك، بخلاف الصلاة التي إنما هي قيام وتكبير ودعاء وقراءة للقرآن، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع على قبر فدل ذلك على أن أصل الصلاة في المقابر ليس حكمها كحكم الصلاة ذات الركوع والسجود.

فعلى ذلك: الأظهر كراهية ذلك.

المسألة الثانية: أنه يكره للنساء اتباع الجنائز، ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أم عطية قالت: (نهينا عن اتباع الجنازة ولم يعزم علينا) (2) أي لم يعزم علينا بالنهي فيكون ذلك تحريماً وإنما هو للكراهية، ودليل أن ذلك ليس للتحريم ما ثبت في مسند أحمد بإسناد صحيح: (كان النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأى عمر امرأة فصاح بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعها يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب) (3) ، فالنهي للكراهية، كما هو المشهور في مذهب أحمد وغيره وهو مذهب جمهور العلماء.

المسألة الثالثة: لا يجوز أن تتبع الجنازة بصوت ولا نار.

بصوت: من ذكر أو قراءة للقرآن أو نعي للميت.

أو بنار: لغير حاجة فلا يقصدون الاستضاءة بها وإنما هو حدث في الدين، أما إذا كانوا محتاجين إليها للاستضاءة فلا بأس بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015