وحديث ابن عباس من رواية: حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن ابن عباس، وحبيب بن أبي ثابت مدلس، لكن تدليسه في صحيح مسلم محمول على السماع عند الأئمة إلا مثل هذا الحديث الذي قد اختلف فيه فإنه يصح أن يعلل بهذا التدليس بخلاف غيره من الأحاديث التي لم ينتقدها الحفاظ فإنها محمولة على السماع.
وأما حديث جابر فهو من رواية عبد الملك بن سليمان عن عطاء عن جابر، وعبد الملك بن سليمان وإن كانت أحاديثه كلها صحيحة في مسلم لكن في حفظه شيء من الضعف وإذا خولف تبين أنه قد أخطأ في هذا الحديث، وهنا كذلك فقد روى هذا الحديث هشام الدستوائى عن أبي الزبير عن جابر بلفظ: (أربع ركعات في ركعتين) ورواية هشام هي الموافقة للأحاديث المحفوظة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كحديث ابن عباس المتفق عليه المتقدم وغيره كحديث عائشة.
وحديث ابن عباس المتقدم، المحفوظ أيضاً عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما صلى أربع ركعات) كما في الحديث المتفق عليه.
بل قد ورد هذا من أكثر من طريق عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه صلى أربع ركعات في ركعتين) .
فعلى ذلك هذان الحديثان في مسلم معللان عند أهل العلم، والصواب مع من عللهما.
أما حديث أبي بن كعب في أبي داود: فإن فيه أبا جعفر الرازي وهو ضعيف الحديث.
وأما حديث النعمان بن بشير وعبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عمرو في سنن أبي داود التي فيها أنه كان يصلي الخسوف كهيئة التطوع.
فحديث النعمان بن بشير مضطرب سنداً ومتناً، وحديث عبد الرحمن بن سمره فيه جهالة، وحديث عبد الله بن عمرو إسناده صحيح لكنه مخالف للمحفوظ عن ابن عمرو رضي الله عنه، فإن الثابت عنه من غير ما طريق عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل إلا أربع ركعات.
فعلى ذلك يترجح لنا القول الثاني من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصح عنه في صلاة الكسوف إلا صلاة أربع ركوعات في ركعتين.