قالوا: فهذه الأحاديث تدل على جواز ذلك وأنه يجوز له أن يصلي على خلاف الصفة المتقدمة، بل له أن يصلي في كل ركعة ثلاث ركوعات أو أربع أو خمس أو يكتفي بركوع واحد.
- وذهب إسحاق بن راهويه وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه واستحسنه ابن المنذر وغيره من أهل العلم، قالوا: بل المشروع له أن يصلي في كل ركعة ركوعين ولم يصححوا الأحاديث التي تقدم ذكرها، ورأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الكسوف في عصره إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم فصلى بالناس ركعتين وفي كل ركعة ركوعان، وهذا القول هو القول الراجح.
أما ما ذكروه من الأحاديث فإنها أحاديث ضعيفة.
أما ما رواه مسلم من حديث ابن عباس وجابر، فإن أحاديث مسلم لا شك أن أهل العلم قد اتفقوا على تصحيحها، لكن يستثنى من ذلك اليسير الذي خالفه فيها الأئمة الكبار كأحمد والبخاري وغيرهم، وحذاق أهل العلم ممن كان لهم بصيرة في هذا العلم، فكان لهم مخالفة في أحاديث من أحاديث مسلم، وفي أحاديث أقل منها في صحيح البخاري، والواجب على طالب العلم أن يصحح كل ما ثبت في صحيح مسلم إلا تلك الأحاديث التي انتقدها الأئمة النقاد أو بعضهم، فله مجال بتصحيحها أو القول بتضعيفها فلا تكون من الأحاديث التي تلقت بالقبول واتفق الحفاظ على تصحيحها، ومن ذلك هذان الحديثان " حديث ابن عباس وحديث جابر "
فقد قال شيخ الإسلام: " وأما حذاق الأئمة فقد رأوا أنه غلط " يعني رواية ابن عباس ورواية جابر " ورأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة يوم مات إبراهيم.
وقال ابن القيم: " وكبار الأئمة لا يصححونه " يعني بذلك حديث ابن عباس ومثله في الحكم حديث جابر.