إذن المشهور عند الحنابلة أن صلاة الكسوف لا تصلى في أوقات النهي وحينئذ فيدعون الله ويذكرونه ويتصدقون ويكبرون فلا يصلون وإنما يشتغلون بالذكر والدعاء والصدقة والعتق ونحو ذلك من الأعمال التي تقدم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها ومشروعيتها في يوم كسوف الشمس أو ليلة خسوف القمر، والراجح ما تقدم.
قال: (أو كانت آية غير الزلزلة لم يصل)
إذا كانت هناك آية من الآيات العظام كنزول صواعق أو كثرة خسف أو سقوط شيء من الكواكب على هيئة ظاهرة مخوفة فهل يشرع لهم أن يصلوا؟
قالوا: لا يشرع لهم أن يصلوا باستثناء الزلزلة، لثبوت الأثر عن ابن عباس فيها، فقد صح في البيهقي عنه: (أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات) أي صلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات، صح عنه ذلك في البيهقي بإسناد صحيح، ورواه ابن أبي شيبة بلفظ " صلى بهم " أي صلى بهم جماعة وذلك في البصرة، وقد صلى ركعتين وقال: (هكذا صلاة الآيات) .
وذهب المالكية والشافعية: إلى أنه لا يشرع مطلقاً لا في الزلزلة ولا في غيرها؛ قالوا: لأنه لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن خلفائه الراشدين أن صلوا في آية من الآيات لا في زلزلة ولا في غيرها.
وقال الأحناف: بل يصلي في كل آية، فكل آية من الآيات التي تشابه كسوف الشمس أو خسوف القمر، ومثل ذلك نزول الصواعق والزلازل ونحو ذلك من الآيات العظام التي يخوف الله بها عباده، قالوا: فإنه يصلي.
واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: (أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده) .
قالوا: ومثل ذلك في الزلزلة ونحوها من الآيات فإن فيها تخويفاً من الله عز وجل، والأصل أن يتعدى الحكم، فما دام المعنى الموجود في خسوف الشمس والقمر موجوداً في الزلزلة والصواعق ونحوها من الآيات العظام المخوفة فإن الحكم يثبت – وهذا قياس ظاهر –.