وذلك لأن وقت الانتفاع بهما – أي بالشمس والقمر – هو الليل للقمر والنهار للشمس، فإذا خرج النهار تصاب الشمس ومثل ذلك طلوع الشمس قليل فإنه حينئذ يذهب وقت الانتفاع بهما – هكذا علل الفقهاء –.
ويستدل له بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى يتجلى) وقوله: (حتى تنكشف) وغياب الشمس وكذلك القمر هو في حكم الانجلاء لأنه لا يمكن أن يكون الانجلاء غاية وقد غابت الشمس فحينئذ لا يكون للصلاة مدى أو نهاية إلا نهاية طويلة قد لا تتضح إلا بعد ساعات طويلة وهذا متعذر لا يعلق الشرع بمثله.
قالوا - والقول هنا لفقهاء الحنابلة ومن وافقهم -: وكذلك إذا طلع الفجر والقمر خاسف فإنهم لا يصلون صلاة الكسوف، وإن كانوا قد شرعوا فيها فإنهم يتمونها خفيفة.
قالوا: لأن طلوع الفجر ينهى فيه عن الصلاة النافلة فهو وقت نهي – كما هو المشهور في المذهب –.
وعند جمهور العلماء: وقت النهي يبدأ من بعد الصلاة، والراجح كما تقدم أنه يدخل بطلوع الفجر.
ولكن مع ذلك فإن الصحيح ما ذهب إليه الشافعية، فقد قالوا: إن الصلوات ذات الأسباب تصلي في أوقات النهي ومن ذلك صلاة الكسوف؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم هنا: (فإذا رأيتموهما فادع الله وصلوا) وتقدم البحث هناك في حكم الصلاة في أوقات النهي ومن ذلك صلاة الكسوف فإنها من ذوات الأسباب فتصلي في أوقات النهي.
إذن الحنابلة ومثل ذلك من ذهب إلى مذهبهم: أن صلاة الكسوف لا تصلى في وقت النهي، قالوا: فإذا طلع الفجر – وهذا القول للحنابلة – أو صليت الفجر – وهو قول الجمهور – فإنهم لا يصلون صلاة الكسوف؛ لأن الوقت وقت نهي وإن كان الانتفاع موجود، فإن الانتفاع يبقى بالفجر وإن طلع الفجر فإنه يضيء في ذلك الوقت، لكن الأمر لمتعلق آخر وهو وقت النهي.