إذن: المستحب أن يداوم على ذلك، لكن إن خشي اعتقاد الوجوب فإنه يتركها أحياناً لئلا يعتقد ذلك.
أما تحري آية أو سورة من القرآن فيها سجدة محلها، فإن هذا ليس من السنة بل هو من البدعة، لأن هذا تابع عن اعتقاد أن هذه السورة إنما خصت لما فيها من السجدة، وليس الأمر كذلك، فهي إنما خصت لما فيها من المعاني التي هي مناسبة ليوم الجمعة الذي هو اليوم الذي يبعث فيه العباد وفيه النفخة والصعقة وفيه خلق الله آدم وهذه السورة متضمنة لهذه المعاني كلها.
ويستحب أن يقرأ في الجمعة بسبح والغاشية، لما ثبت في مسلم من حديث النعمان بن بشير قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وبهل أتاك حديث الغاشية)
وهاتان السورتان فيهما من المعاني المتقدمة ما هو ظاهر وواضح، فإنه يستحب: أن يقرأ في الجمعة بسبح والغاشية أو الجمعة والمنافقون.
فسبح والغاشية: فيهما ما هو ظاهر من ذكر اليوم الآخر وما فيه من الأهوال، وفيهما ما فيهما من الكلام عن الذكرى والتذكير، وأنه إنما يستحب إلى التذكير من هو متصف بالتقوى بخلاف الآخر فهو أشقى، ومعلوم أن الجمعة فيها من التذكير والوعظ والدعوة إلى الله ما يوجب التنبيه لذلك.
وأما سورة الجمعة والمنافقون:
أما سورة الجمعة: فإن فيها بيان حكم الجمعة ووجوب السعي إليها ووجوب العلم والقيام به.
وأما سورة المنافقون: ففيها من التحذير من النفاق، ومعلوم أن اجتماع الناس الكثير مظنة وجود المنافقين. فلهذه اختيرت هذه السور لمناسبتها لهذا الموقف العظيم.
قال: (وتحرم إقامتها في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة)
هذه مسألة كبيرة والناس يقعون – كما هو معلوم – في مخالفتها وهي: أنه لا يجوز أن يقام في المدينة – وإن كبرت – أو القرية أن يقام فيها جمعتان، وهذا قد اتفقت عليه المذاهب الأربعة وأنه يحرم ذلك وليس بمشروع بل هو بالإجماع ليس بمشروع.