قال: (ويقصر الخطبة)
هذا هو المستحب، لما ثبت في مسلم عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنَّةٌ من فقهه)
فقصر الخطبة وطول الصلاة مئنَّة الفقه، فالمستحب قصر الخطبة وهو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله، أما فعله فقد تقدم في قول الصحابي: (فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات مباركات) ، وأما قوله فهذا الحديث.
فالمستحب للخطيب أن يقصر خطبته، ويورد على السامعين جوامع الكلم، والألفاظ المشتملة على المعاني الكبيرة، ويقصر ذلك لئلا يضجرهم ويوقع الملل في نفوسهم ولئلا ينسي الكلام بعضه بعضاً، والعلم إنما يلقى شيئاً فشيئاً كما قال ابن عباس في قوله: " كونوا ربانيين، قال: الذين يعلمون صغار المسائل قبل كبارها " فالخطباء الربانيون هم الذين يعلمون الناس الشيء اليسير حتى يتدرجون معهم إلى الشيء الكبير ويعلمونهم الأساس والأصل قبل أن يعلمونهم الفرع.
قال: (ويدعو للمسلمين)
فيستحب له أن يدعو للمسلمين، قال في الإنصاف: " بلا نزاع " واستدلوا: بمثل استسقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة فهذا يدل على جواز الدعاء فيها، ولعموم الأدلة الدالة على مشروعية الدعاء واستحبابه.
ولما ثبت في مسلم عن عمار بن رؤيبة (?) : أنه رأى بشر بن مروان وهو يخطب رافعاً يديه فقال: (قبَّح الله هاتين اليدين ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد على أن يشير بأصبعه) وأشار بأصبعه السباحة " وفي رواية لأحمد: " يدعو على المنبر "، وهذا هو الشاهد.
وأما رفع اليدين فإنه بدعة كما صرح بذلك المجد ابن تيمية وقد قال شيخ الإسلام: " ويكره للخطيب أن يرفع يديه عند الدعاء في الخطبة والمشروع له أن يشير بإصبعه السبابة ".