فلو خطب الناس قبل الوقت – وإن صلى الجمعة بعد دخول الوقت – فإنها لا تصح، فالواجب أن يدخل في الوقت خطبتاها؛ لأنهما منها وسيأتي الكلام عن هذا - ونحوه - عند الكلام على شروط الخطبة.
وقد روى الإمام أحمد وابن أبي شيبة عن ابن سيدان قال: (شهدت مع أبي بكر خطبته وصلاته فكان ينصرف قبل أن ينتصف النهار، ثم شهدت عمر، فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول قد انتصف النهار، ثم شهدت عثمان فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار)
لكن الأثر ضعيف فإن ابن سيدان قال فيه البخاري: " لا يتابع على حديثه " وهذا قد استدل به الحنابلة، ولكن في الأحاديث المتقدمة غُنية عن هذا الأثر الضعيف.
قال: (فإن خرج وقتها قبل التحريمة صلوا ظهراً وإلا فجمعة)
خرج وقت الجمعة قبل أن يكبر تكبيرة الإحرام فإنهم يصلون ظهراً، لأن الوقت لا يدرك بأقل من تكبيرة الإحرام.
أما إذا أدركوا تكبيرة الإحرام فجمعة لذا قال: " وإلا فجمعة " وهذا على القول المرجوح الذي تقدم، وتقدم أن الراجح خلافه وأن الوقت لا يدرك إلا بإدراك ركعة كاملة، خلافاً للمشهور من المذهب، لحديث: (ومن أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) فالصلاة لا تدرك إلا بركعة. فإذا أدرك من الوقت ركعة فقد أدرك الجمعة.
فمثلاً: رجل خطب الناس ثم نزل فكبر للصلاة فأذن المؤذن للعصر وقد أتم ركعة فحينئذٍ يصلي ركعة أخرى جمعة. أما إذا أذن المؤذن وهو لا زال في الركعة الأولى فإنه يصليها ظهراً.
والحمد لله رب العالمين
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (الثاني: حضور أربعين من أهل وجوبها)
هذا الشرط الثاني من شروط انعقاد الجمعة وصحتها، وهو أن يحضرها أربعون من أهل وجوبها.
وتقدم من هم أهل وجوبها وهم: كل ذكر حر مكلف مسلم غير مسافر ويستثنى من الحر المملوك والمسافر، ومن المسلم المرأة فإن الجمعة لا تنعقد بها.