- وخالف في ذلك الأحناف في أصل هذه المسألة وقالوا: لو صلى الظهر لصحت وإن كان يمكنه أن يحضر الجمعة، فلو صلاها من غير المعذورين قبل الجمعة لصحت.
قالوا: لأن الأصل إنما هي الظهر والجمعة بدل عنها، وهذا ضعيف في غاية الضعف لأن الجمعة أصل في يومها بدليل أنه باتفاق الجمهور والأحناف أنه يجب عليه أن يصليها جمعة في ذلك اليوم، ومعلوم أنه لا يمكن أن يقال بالبدل مع إمكان إيجاب أصله.
إذن: الراجح مذهب الجمهور وأنه لا يجوز له ذلك ولا تصح منه إذا أقيمت صلاة الجمعة وأمكنه إدراكها، وقد تقدم أن إطلاقهم – كما في المغني - شامل حتى يفرغ الإمام من الصلاة. - وحينئذٍ- فلو أن قرية من القرى يمكنهم أن يقيموا الجمعة فلم يقيموها فصلوها ظهراً في وقت الجمعة لم تصح منهم لأن الفرض عليهم هو الجمعة.
لكن يستثنى هنا مسألة - في كون الرجل يصلي قبل الإمام الظهر – إذا تأخر الإمام تأخراً منكراً يشق على المأمومين فقام بعضهم فصلى منفرداً ظهراً فإن ذلك يجوز له ويعذر بذلك كما هو ظاهر كلام الإمام أحمد، وقد صرح به المجد بن تيمية.
قال: (وتصح ممن لا تجب عليه)
فالذي لا تجب عليه الجمعة وهم المسافر والمريض والمرأة والمملوك إذا صلوا في بيوتهم فيجوز لهم أن يصلوا قبل صلاة الإمام؛ لأن العلة المتقدم ذكرها ليست فيهم فإنهم غير مخاطبين بالجمعة، فالخطاب الشرعي ليس بموجه إليهم لأنهم غير مكلفين بحضورها، وحينئذٍ الواجب عليهم بدلها وهو الظهر.
فلو أن مسافراً أو امرأة في بيتها صلوا الظهر بعد زوال الشمس قبل أن تُصلى الجمعة جاز ذلك، وهذا باتفاق أهل العلم.
قال: (والأفضل حتى يصلي الإمام)
الأفضل له أي هذا المعذور في بيته الأفضل له حتى يصلي الإمام.
قالوا: خروجاً من الخلاف.
وهو خلاف أبي بكر عبد العزيز من كبار الحنابلة فإنه قد ذهب إلى أنه يجب عليهم أن ينتظروا فلا يصلوا حتى يصلي الإمام.