رجل صلى في بيته أربع ركعات ظهراً ممن عليه حضور الجمعة فيستثنى – حينئذٍ – المرأة والمريض والمسافر والمملوك؛ لأنه ليس عليهم حضور الجمعة – وسيأتي في المتن استثناؤه – فإذا صلى قبل صلاة الإمام أو معه ما لم يفرغ الإمام فإنها لا تصح. بل عليه [أن] ينظر فإذا تيقن أن الإمام قد سلم فحينئذٍ يصليها، وهذا باتفاق أهل العلم.
ودليل ذلك: أن هذا المكلف مخاطب بحضور الجمعة لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} والظهر بدل عنها، وهو الآن مخاطب بالأصل ويمكنه أن يأتيه وليس ثمت عذر يقتضي إسقاط الجمعة عنه، وقد صلى البدل في غير موضعه فكان باطلاً، هذا هو مذهب جمهور العلماء وهو ظاهر؛ لأنه مخاطب فإنه مخاطب بحضور الجمعة في الأصل والظهر إنما هو بدل عن الجمعة لمن كان معذوراً أو فاتته الجمعة أما هذا فليس بمعذور ولم تفته الجمعة فكان الواجب عليه ألا يصليها إلا بعد صلاة الإمام.
وظاهر كلامهم: أنه لابد وأن ينتظر حتى يفرغ الإمام من صلاته، فإذا فرغ من صلاته وسلم فإنه يشرع في الصلاة، هذا هو ظاهر كلامهم في غير هذا المتن كما في المغني.
- وذهب بعض الحنابلة: إلى أن ذلك ليس بشرط بل متى ما علم أنه لو ذهب إلى المسجد فإنه لا يدركها فإنه يجوز أن يصليها ظهراً، لأنها في حكم الفائتة عنه فلا يمكن أن يدركها، فحينئذٍ لا يكون مخاطباً بالحضور لأن المخاطب بالحضور إنما هو القادر على حضورها وهذا ليس بقادر على حضورها لكنه آثم بتأخيره وعدم ذهابه في وقت يدرك به الجمعة، وهذا أظهر، لأنه متى ضاق عنه الوقت للذهاب لإدراكها فإنه في حكم من فاتته فيكون ليس مخاطباً بحضورها بل مخاطب بالقضاء وبالصلاة بدلها، والصلاة بدلها إنما هي الظهر.