يعنى يجوز وإن كان متفرقاً - بيتاً هنا وبيتاً هناك - ما دام أن اسمه واحد وقد كانت المدينة متفرقة البيوت، وكانت بريداً في بريد أي أربعة فراسخ في أربعة فراسخ وكان أهلها متفرقون فيها ومع ذلك يجمعها اسم واحد ولم يقم في أي دار من دورهم جمعة على أنها قرية مختصة.
فالجمعة كانت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكل محلة من محلاتهم ودار من دورهم يثبت له اسم المدينة – وهذا هو الثابت في العرف واللغة – فكون البيوت متفرقة مع اتحاد الموضع هذا لا يؤثر، ومعلوم أن هذا من طبيعة العرب في بنائهم للبيوت وهو التفرق ومع ذلك يطلقون على محلاتهم اسماً واحداً فلها حكم واحد.
قال: (ليس بينه وبين المسجد أكثر من فرسخ)
هنا: المصلي الذي توفرت فيه الشروط المتقدمة له حالتان:
الأولى: أن يكون في هذا المصر وفي هذه القرية فحينئذ يجب عليه أن يجيب النداء ويشهد الجمعة وإن كان بينه وبينها أكثر من فرسخ. فلو كان بينه وبينها فرسخان أو أكثر فيجب أن يحضرها لأن الجمعة قد أقيمت له، والجمعة – كما سيأتي – إنما تقام في مسجد واحد لأهل البلد كلهم.
فأهل المصر الواحد يجب عليهم جميعاً أن يحضروا الجمعة وإن كان بعضهم في أطرافها يبعد أكثر من فرسخ ولا خلاف بين أهل العلم في هذا.
فالمدينة كانت بريداً في بريد ومن كان في أقصاها ويبعد عن المسجد فرسخان أو ثلاثة، فيجب ... لأنه لا جمعة إلا ….
الثانية: أن تكون خارج المصر أو القرية كالبيوت النائية التي لا تتصل بالقرى وليس عندهم جمعة يقيمونها وكالخيام النائية فهل يجب عليهم حضور الجمعة أم لا؟ وإن قلنا بوجوبها فما هو المسافة المحددة لوجوب ذلك؟
أ – ذهب الأحناف: إلى أنه لا يجب عليه ذلك بل تجب على من كان في المصر.
ب – قال الشافعية: يجب على من سمع النداء وإن كان أكثر من فرسخ.