- وقال الشافعي في أحد قوليه وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقال في الفروع: " وهو متوجه ": إن إقامة الجمعة لهم صحيحة جائزة، وهذا هو الظاهر؛ إذ المناط إنما هو الاستيطان، فما داموا مستوطنين بهذا الموضع لا يرتحلون عنه شتاءً ولا صيفاً فإنه لا فرق بينهم وبين أصحاب البناء من حجر أو غيره، وهذا هو الراجح.
أما أصحاب الخيام الذين يرتحلون شتاءً وصيفاً فإنه لا خلاف بين أهل العلم أنه لا يجزؤهم أن يصلوا الجمعة.
وإقامة الجمعة في القرى مع عدم ثبوت المصر الجامع هو مذهب جمهور العلماء.
ودليلهم: ما ثبت في البخاري عن ابن عباس قال: (أول جمعة جمعت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في قرية بالبحرين (?)) فهي قرية ومع ذلك صحت فيها الجمعة.
وقال عمر – كما في مصنف أبن أبي شيبة -: (جمعوا حيث شئتم) فتقام في القرى والأمصار.
وقال الأحناف: لا تقام إلا في الأمصار.
واستدلوا: بقول علي كما في مصنف عبد الرزاق: (لا جمعة إلا في مصر جامع)
والجواب عنه: أنه يخالف ما ثبت عن عمر رضي الله عنه كما تقدم بل ما أقر عن جماعة الصحابة في إقامة الجمعة في القرية التي تقدم ذكرها، وكان ذلك إما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإما في عهد أبي بكر وعمر ومع ذلك لم تنكر.
ثم إنه لا فرق بين المصر والقرية في إقامة الجمعة، ويحمل كلام علي رضي الله عنه جمعاً بينه وبين كلام عمر رضي الله عنه أنه لا جمعة كاملة إلا في مصر جامع.
ولو كان مراده " لا جمعة صحيحة " فإن أثر عمر يخالفه وأثر ابن عباس يخالفه، والنظر مع ما رواه ابن عباس ووافقه عمر رضي الله عنه إذ لا فرق بين المصر الجامع وبين القرية بخلاف الخيام التي لا يستوطن أهلها بمكان فإن المعنى يفارقها ففرق بينها وبين المصر الجامع.
قال: (بناء اسمه واحد ولو تفرق)