ومقتضى كلام الإمام أحمد – كما قال ذلك الموفق وصاحب الفروع – خلافاً للمشهور عند الحنابلة – مقتضى كلامه: صحة صلاة الخوف ركعة؛ لأنها من الأوجه الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما في قول ابن عباس ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وصلاة الخوف ركعة) رواه مسلم.
وثبت في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن حذيفة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صلى صلاة الخوف بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا) .
وهذا في الحضر والسفر، ومقتضى كلام الإمام أحمد جواز [ذلك] حضراً وسفراً سواء كان ذلك من الإمام والمأمومين، أو من المأمومين فقط، وهو قول ابن عباس وإسحاق وطائفة من التابعين لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأما عامة أهل العلم فإنهم لم يجيزوا ذلك ورأوا أن صلاة الخوف تبع لصلاة الحضر وصلاة السفر، فصلاة الخوف تصلى في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين.
وهذا ظاهرٌ إلا ما استثنى في حديث ابن عباس المتقدم.
إذن: جماهير العلماء يرون أن الخوف لا أثر له في عدد الركعات لكن الخوف قد أثَّر في هيئتها، فأصبحت في هيئة يُؤمن على المسلم فيها، فهي هيئة مأمونة.
وقولهم أصح، وأما حديث ابن عباس فيحمل على شدة الخوف حيث كان الخوف شديداً يقتضي أن تتأثر الركعات فحينئذ يجوز ذلك.
فالأظهر: أنه لا يجوز التصرف بركعاتها حضراً ولا سفراً وأما التصرف في الهيئات فهو الوارد إلا أن يكون الخوف شديداً - لا يبلغ أن يصلي راكباً أو قائماً كما سيأتي – لكنه يحتاج المسلم فيه إلى أن يختصر الركعات فيصليها ركعة كأن تقام قبل التقاء الصفوف ويكون في صلاتها أربع ركعات أو ركعتين أو ثلاثاً فيه مشقة فحينئذ يصلونها ركعة.
ومما يدل عليه قوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} و" أل " هنا في الظاهر أنها العهدية أي إذا أقمت لهم الصلاة المعهودة وهي المكتوبة فحينئذ هي على ركعاتها المشهورة حضراً وسفراً.