أما إن كان القتال قتالاً محرماً فإنه لا يرخص له، وحكاه النووي إجماعاً، كالخارج على إمام أو المعتدي على المسلمين أو نحو ذلك وهو ظاهر، وليس كالمسألة السابقة، فإن هنا إعانة ظاهرة، فإن كونه يصلي الصلاة على راحلته كصلاة الخائف – كما سيأتي تفصيله على مراتبها - فإن في ذلك إعانة له على هربه أو تقوية له، وفي هذا ما ينافي مقصود الشارع من إضعافه فلم يرخص له في ذلك.
إذن: القياس يكون حيث ثبت الخوف في أمر مشروع كالقتال في سبيل الله أو في أمر مباح كالهرب من سيل أو سبع أو نحو ذلك.
قال المؤلف رحمه الله: (صلاة الخوف صحت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفات كلها جائزة)
فهي ثابتة صحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة سيأتي ذكر بعضها.
وهو أيضاً – أي أصل صلاة الخوف – ثابت في القرآن في قوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} الآية فإنها في صلاة الخوف وكذلك قوله تعالى: {فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً} فهي أيضاً في صلاة الخوف.
وليس هذا مختصاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - خلافاً لمن زعم ذلك في قوله: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ….} لأن ما كان ثابتاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهو ثابت لأمته إلا أن يدل دليل على التخصيص.
ولفعل الصحابة بعده كما صح ذلك عن طائفة منهم، وهو مذهب عامة العلماء.
وقد صحت صلاة الخوف بصفات عدة، ذكر الإمام أحمد أنها ثبتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بستة أوجه أو سبعة أوجه كلها ثابتة جائزة، قال الإمام أحمد: (فمن ذهب إليها كلها فحسن، وأما حديث سهل فأنا أختاره " وسيأتي ذكره وصفة الصلاة فيه.