يقصر في حال كونه ماكثاً تاركاً للنقلة، يدل على أن ترك النقلة ليست منافياً للسفر، فإنه وإن ترك النقلة فيبقى مسافراً بدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - قد قصر وهو تارك للنقلة.

فدل على أن مجرد المكث وترك النقلة أثناء السفر لا ينافي السفر، ولا يخرج المسافر عن السفر إلى الإقامة بل يبقى مسافراً، وإن ترك التنقل ومكث ما لم ينو إقامة يثبت بها حكم الإقامة.

- ولذا ذهب شيخ الإسلام وهو مذهب طائفة من أهل العلم إلى أن مرجع ذلك إلى العرف، وذلك لأن الشرع لم يثبت فيه تحديد لهذه المسألة واللغة أيضاً.

بخلاف المسألة السابقة فإنا نرى أن اللغة قد حددت السفر بأنه من حيث الانتقال من بلدة إلى أخرى.

أما كونه من حيث المدة يكون مسافراً أو مقيماً فليس للغة بحث في هذا، فيبقى العرف - كما هو اختيار شيخ الإسلام - ولو بقى شهوراً. هذا اختيار شيخ الإسلام وتلميذه، وهو مروي عن مسروق من التابعين، وهو قول قوى، وهو أظهر الأقوال السابقة لأن اللغة العربية والشرع لم يثبت فيهما تحديد للمدة التي يثبت بها كون الإنسان مسافراً أو مقيماً فوجب الرجوع إلى العرف كما هو مقرر في أصول الفقه.

وقد ثبت في سنن البيهقي يإسناد صحيح وأن ابن عمر: (أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة) .

ولا يصح أن يقال: أنه لم يعزم تلك المدة، فإن مثل هذه المدة قد حبسه بها الثلج، فيستبعد أن يكون قد ظن أن يذهب بيومين أو ثلاثة أو أربعة فذلك في الغالب في أول الشتاء، لكونه قد استمر هذه المدة وهي ستة أشهر. فيبعد أن يظن ذهابه في مدة يسيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015