المسألة الثانية: أن من سافر ليترخيص في فطر أو قصر أو نحو ذلك:

فالمشهور في المذهب: أنه لا يقصر. ولم أر دليلاً على هذه المسألة أي دليلاً صحيحاً.

لذا ذهب بعض الحنابلة وهو مذهب الأحناف: إلى أنه يثبت له رخص السفر، لأنه مسافر فيدخل في عموم الأدلة الشرعية وإن كان ينهى عن ذلك لكنه يثبت كونه مسافراً متعلق به أحكام السفر من قصر أو فطر أو نحو ذلك.

فالراجح أن من سافر ليترخص أنه يثبت له أحكام السفر وإن كان ينهى عن ذلك.

والترخص أقوى ما يقال فيه: أنه معصية وقد تقدم أن من سافر سفر معصية فإن أحكام السفر تثبت له لعمومات الأدلة الشرعية.

المسألة الثالثة: فهي فيمن كان تائهاً في طريقه لم يثبت قصداً له:

فإنه لا يقصر في المشهور من المذهب، لأنه منتهى قصده لم يثبت كونه سفراً ولا يقصر حتى يثبت له أن منتهى قصده سفر.

يعني: أن من خرج ولم يقصد موضعاً يكون خروجه إليه سفراً ثم تاه فإنه لا يترخص بأحكام المسافرين، لأنه لا يعد مسافراً، وهذا إذا كان الموضع الذي قصده في الأصل ليس بسفر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وإن أحرم حضراً ثم سافر أو سفراً ثم أقام ... أتم)

كأن يكون رجل في سفر فكبر تكبيرة الإحرام في حال كونه مسافراً فوصلت السفينة إلى بلدته – أي بلدة الإقامة – فإنه يتم صلاته.

والعكس كذلك: فلو أن رجلاً أحرم في حال الإقامة، كأن تكون السفينة في بلدته فخرجت ثم سافر أثناء الصلاة فإنه يتم صلاته كذلك.

وحكي في هاتين المسألتين الإجماع على أنه يتم.

أما المسألة الثانية: فظاهر أنه يتم لأنه قد عقد الصلاة في حال الإقامة فوجب إتمامها كذلك.

وأما المسألة الأولى: وهي فيما إذا أحرم مسافراً ثم أقام، قالوا فكذلك وقد حكي الإجماع على ذلك.

والدليل على ذلك – وهو دليل للمسألة الثانية كذلك قالوا: أنها صلاة اجتمع فيها الحضر والسفر فوجب أن يصلي على هيئة الحضر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015