لكن ثبت هذا من فعل ابن عباس وابن عمر – كما ثبت في البخاري معلقاً – ووصله البيهقي: (أن ابن عمر وابن عباس كانا يقصران ويفطران في أربعة برد ستة عشر فرسخاً) والأثر صحيح.

فإذا سافر أربعة برد سواء كان ذلك يومان قاصدان كما كان في القديم أو أقل بساعة أو ساعتين فلا عبرة بالزمن في السفر بل العبرة بالمسافة.

وما ذكروه من أثر ابن عباس وابن عمر: قد ثبتت آثار تخالف هذا الأثر فلا يقال: إنهما لا يعلم لهما مخالف من الصحابة، فقد صح عن ابن عمر نفسه آثار تخالف ذلك، فمن ذلك:

في مصنف ابن أبي شيبة – أنه قال: (لو خرجت ميلاً لقصرت) وفيه: (إنه كان يقصر في ثلاثة أميال) ، وفي مصنف عبد الرزاق: (أنه كان يقصر في ثلاثين ميلاً) ، وفي مصنف ابن أبي شيبة: (أنه كان أدنى ما يقصر فيه خيبر يخرج لأرض له) وكان بين خيبر والمدينة نحو تسعين ميلاً، فالرواية مختلفة عن ابن عمر.

وثبت في مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح عن إبراهيم التيمي عن أبيه: (أنه استأذن حذيفة – وكان في المدائن – أن يذهب إلى أهله فأذن له وشرط عليه ألا يقصر ولا يفطر، وكان بين المدائن والكوفة نيف وستون ميلاً) والأربعة برد 48 ميلاً، فهذا أثر يخالف.

كما أن السنة خالفت ذلك صراحة فقد ثبت في البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تسافر امرأة يوماً وليلة) الحديث، قال البخاري: (سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً وليلة سفراً) واليوم والليلة إنما يكون فيهما بردان أي 8 فراسخ، فإن الأربعة برد يومان تامان، واليوم والليل يكونان بردين.

وثبت في أبي داود ما هو أقل [من] ذلك فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تسافر امرأة بريداً) فدل على أن السفر بريد.

وقد ثبت أن أهل مكة كانوا يقصرون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى، وكان بين منى ومكة نحو بريد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015