قالوا: وأما الآية فإن التفسير الصحيح هو ما ذهب إليه جمهور المفسرين، وهو أن المراد بقوله: {غير باغ} في كونه يأكل الميتة مع إمكان الاستغناء عنها، و {لا عاد} في كونه يتجاوز ضرورته. وهذا التفسير أصح فيها لتعلقه بفعل المحرم نفسه، ولأن قوله: {فمن اضطر} عام في كل مسلم عاصياً كان أو مطيعاً وللعمومات المتقدم ذكرها.

* ثم أن كان خارجاً عادياً على المسلمين خارجاً عن إمامهم مؤذياً لهم، فإنه له حكم خاص لإهدار دمه، فكونه - على التسليم بالتفسير الأول، كونه - لا يرخص له بأكل الميتة ونحوها من الرخص التي فيها بقاء حياته؛ هذا لأنه حياته مهدرة بخلاف من سافر سفر معصية أو نحو ذلك فإن حياته ليست بمهدرة.

والراجح التفسير الثاني كما تقدم.

وهذا القول – أي الثاني – هو الراجح؛ لعمومات النصوص.

وأما كونه فيه إعانة: فإن هذا أمر مشروع ولا دخل له في كونه له إعانة على المعصية، فهي حسرة له هكذا في السفر، أما كونه عاصياً أو مطيعاً فإنه لا يعان على معصية أو ما يكره له، وأما هذا فهو حكم شرعي لا تعلق له بما تقدم بل قد يكون في ذلك إعانة له على فعل ما فرض عليه من إقامة الصلاة.

إذن الراجح مذهب الأحناف والظاهرية واختيار شيخ الإسلام.

المسألة الثالثة عند قوله: (أربعة برد) :

هذه مسألة اختلف فيها العلماء وهي المسافة التي تقصر فيها الصلاة.

1- فذهب جمهور العلماء إلى هذا القول وأنه أربعة برد والبريد أربعة فراسخ، فالأربعة برد ستة عشر فرسخاً، والفرسخ: ثلاثة أميال، فيكون المجموع ثمانية وأربعين ميلاً وهي تزيد على 80 كيلو متراً وهذا – كما ذكروا – تقريب لا تحديد.

واستدلوا: بما رواه الدارقطني عن ابن عباس مرفوعاً: (يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة إلا في أربعة برد من مكة إلى عسفان) والحديث لا يثبت بل هو ضعيف، والصحيح أنه موقوف على ابن عباس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015