وأما المأموم فقالوا: الأولى له ترك موضعه والصلاة في موضع غيره من غير كراهية.

واستدلوا بما رواه أبو داود وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أن يعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة يعني السُبحة) والحديث ضعيف فيه إبراهيم بن إسماعيل وهو مجهول، فالحديث لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد ثبت عن ابن عمر ما يخالف ذلك فقد ثبت في البخاري معلقاً: (أن ابن عمر كان يصلي التطوع في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة) ، وثبت ذلك عن محمد بن القاسم، وهو من الفقهاء السبعة، وعن سالم بن عبد الله بن عمر، ثبت عنهم فعل ذلك، وليس في السنة ما يدل على كراهية هذا الفعل. فإن صلى في موضعه فلا بأس وإن تنحى فصلى في موضع آخر فلا بأس أيضاً.

قال: (وإطالة قعوده بعد الصلاة مستقبل القبلة)

أي يكره للإمام أن يطل القعود بعد الصلاة مستقبل القبلة، وعليه: فإن القعود اليسير لا بأس به.

- وعن الإمام أحمد: كراهيته أيضاً – أي القليل – وهو أظهر.

قال: (فإن كان ثمَّ نساء لبث قليلا لينصرفن)

تقدم البحث في هذا في مسألة سابقة في الكلام على الذكر في صفة الصلاة.

قال: (ويكره وقوفهم بين السواري إذا قطعن الصفوف)

أي يكره وقوف المأمومين المصطفين وراء إمامهم، يكره وقوفهم بين السواري إذا كانت السواري تقطع الصفوف، وكما تقدم فإن الكراهية تزول عند الحاجة، فإذا ازدحم المصلون فاحتاجوا إلى أن يصلوا بين السواري فإنه تزول حينئذ الكراهية.

لأن القاعدة: أن الكراهية تزول عند الحاجة إلى الفعل.

واستدلوا: على الكراهية بما رواه الخمسة بإسناد صحيح عن أنس قال: (كنا نتقي هذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، يعني الصلاة بين السواري) .

فإذن: يكره ذلك لأنه يقطع الصفوف لكن الكراهية تزول عند الحاجة إلى الفعل – كما تقدم -.

والحمد لله رب العالمين.

فصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015