وفسره السيوطي في كتابه بالمحاريب، وهو الأظهر عندي؛ لثبوت ذلك عن ابن مسعود، فقد روى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود بإسناد صحيح إلى إبراهيم عن ابن مسعود وروايته عنه صحيحة، قال: (اتقوا هذه المحاريب) فالأظهر أن هذا الحديث يحمل على المحاريب.
قال ابن مسعود – وقد كره الصلاة في الطاق – كما عند البزار: (إنما كانت للكنائس فلا تشبهوا بأهل الكتاب) ، وهذا الوجه الثاني في النهي عنها أنها تشبه بأهل الكتاب وأنها ليست من سنن المسلمين، وإنما استحبها من استحبها من أهل العلم للاستدلال بها على القبلة، لكن هذا قد وجد مقتضاه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحاجة إلى الاستدلال إلى القبلة فلم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كان – كما في الطبراني – بإسناد جيد: (كان قد أتخذ لقوم مسجداً فنصب في قبلته خشبة) . فنصب الخشبة - ونحوها مما يصح سترة - يكفي في معرفة القبلة فحينئذ يكون اتخاذها بدعة كما تقدم في كراهية ذلك، فإنه لا يكره ما كان مشروعاً، فدل على أن ذلك بدعة.
وكونه لم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفائه الراشدين بل أحدث في المائة الثانية، وكما نص على ذلك الحسن، ووجود مقتضاه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عدم فعله والاستغناء به عن غيره يدل على عدم مشروعيته.
قال: (وتطوعه موضع المكتوبة إلا من حاجة)
أي يكره للإمام أن يتطوع في الموضع الذي صلى فيه المكتوبة إلا من حاجة كضيق مسجد، كما أن الصلاة في المحراب إذا احتيج إليها لكثرة المصلين فإنه يصلي فيه للحاجة فهنا كذلك. فيكره له أن يصلي في موضعه الذي صلى فيه المكتوبة إلا من حاجة.
واستدلوا: بما رواه أبو داود وغيره من حديث المغيرة: والحديث صحيح لشواهده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يصلي الإمام في موضعه الذي صلى فيه حتى يتحول) فهذا نهي من النبي - صلى الله عليه وسلم -.