فتصح إمامة ولد الزنا ولا تكره، والأولى أن يقال: " ولا تكره "، خلافاً للجمهور الذين قالوا: بكراهيتها؛ قياساً على العبد؛ لأن الإمامة فضيلة، فيمنع منها. لكن هذا ضعيف.
والراجح ما ذهب إليه الحنابلة، وهو من مفرداتهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) ، وهذا عام، وقال تعالى: {ولا تزور وازرة وزر أخرى} ، وقال: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} .
ثم إنه لا يقاس على العبد؛ لوجود فوارق بينهما، فهو حر له حريته من بيع وشراء وليس ثمة تمليك عليه.
ثم إن العبد لا تكره إمامته على الصحيح، لكن الأولى أن يكون حراً.
فولد الزنا متى سلم دينه وكان تقياً، فقد قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ، ولا يلحقه من معرة والديه شيء، فقد قال تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} .
" والجندي إذا سلم دينهما ": الجندي هو العسكري، وليس المقصود نوعاً من الجنود، بل عامة من يعمل عند السلطة، من أعوان السلطان والقائمون بشؤون السلطة من شتى أنواع العسكر، فتصح إمامته ولا تكره إذا سلم دينه.
لأن ذلك مظنة الظلم، فإن أعوان السلطان مظنة الظلم، فكان الشرط هذا معتبراً وهو أن يكون سالم الدين ومع ذلك فقد قال الإمام أحمد: " أحب إلى أن يصلي خلف غيره " وذلك لأنه مظنة الظلم.
ونحن في هذا العصر أعمال العسكر ليست بمرتبة واحدة فأشبهت أعمالاً كثيرة كان يقوم بها في الزمن وغيره.
لكن إن كان الجندي من أعوان الظلمة فيمنع من إمامته لأنه ظالم إن أقام بالظلم، وأما إن كان عمله لا ظلم فيه فإنه لا يمنع من إمامته لذا قال: " إذا سلم دينه " لأنه عدل ولا دليل على منعه من الإمامة.
قال: (ومن يؤدي الصلاة بمن يقضيها وعكسه)