وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤم النساء ومنهن من يأتي وليس لها محرم ولم يشترط في حضورهن للمساجد المحرم، فدل على الجواز مع أمن الفتنة، ولا كراهية في الإمامة حينئذٍ.

وقوله: " لا رجل معهن " ظاهره مطلق رجل، وهو ضعيف، بل المؤثر في هذه المسألة أن يكون هناك محرم أو رجال تزول بعددهم مظنة الفتنة فحينئذٍ لا كراهية ولا تحريم.

فإذا كان هناك محرم فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأم سليم في بيتها ومعه أنس - رضي الله عنه - كما في الصحيحين.

قال: (أو قوماً أكثرهم يكرهه بحق)

أي: أو أمَّ قوماً أكثرهم يكرهه بحق.

أما إذا كان يكرهه بغير حق فإن هذا لا يؤثر.

مثال كراهيته بحق: أن يكرهه لضعف في دينه أو لضعف في إقامة الفريضة أو نحو ذلك مما يورث كراهيته وهو حق.

ومثل ذلك: إذا كرهه لدنيا كأن يكون بينهما شحناء لدنيا، أو شحناء من جنس الشحناء التي تقع بين أهل المذاهب والأهواء فإن الإمامة – حينئذٍ – تكره لأن المقصود من الإمامة الاجتماع والائتلاف وهذا ينافي ذلك، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) .

لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الترمذي بإسناد حسن: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون) .

وإنما يستثنى من ذلك أن تكون الكراهية بغير حق كأن يكره لدينه أو فعله السنة فإن الإمامة لا تكره.

لكن استحب القاضي من الحنابلة: استحب له ألا يؤمهم صيانة لنفسه وإلا فإنها لا تكره.

وذلك لأن هذا أقام بما يشرع أو يفرض عليه، ومنعه أو كراهية إمامته يؤدي إلى مفاسد كثيرة من ترك السنة وهجرها وإماتتها، ولا يشاء لفاسق أو نحوه أن يحكم بمنع إمامة أحد من أهل الصلاح إلا فعل.

قال: [وتصح إمامة ولد الزنا والجندي إذا سلم دينهما]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015