فعلى ذلك يجب عليهم أن يصلوا قعوداً وعليه: إن صلوا قياماً بطلت صلاتهم.

وأجابوا عما استدل به أهل القول الأول، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبطل صلاتهم؛ لأنهم فعلوا ذلك جهلاً، فعذرهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا نظائر كثيرة وقواعد الشريعة تدل عليه. وهذا القول الراجح.

قال: (فإن ابتدأ لهم قائماً ثم اعتلَّ فجلس أتموا خلفه قياماً وجوباً)

هذا استثناء:

وهو أنه إذا ابتدأ الإمام الصلاة قائماً فشرعوا في الصلاة في حال القيام ثم اعتلَّ الإمام فجلس فإنهم يتمون صلاتهم قياماً كما شرعوا فيها قياماً.

إذن المسألة السابقة: حيث كان الإمام مبتدئاً جالساً فكبَّر بهم تكبيرة الإحرام جالساً. أما إن شرع بهم قائماً ثم جلس فإنهم يتمون الصلاة قياماً.

واستدلوا: بحديث أبي بكر المتقدم فإن فيه أن أبا بكر صلى بالناس قائماً فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فجلس عن يسار أبي بكر فكان المأمومون مع إمامهم الأول قد شرعوا في الصلاة قائمين ثم اعتلَّ الإمام حيث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم وبه علته المقتضية للجلوس، فأتموا صلاتهم قائمين.

1- هذا المشهور في المذهب من الجمع بين حديث أبي بكر وحديث: (إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين)

فالجمع: أن يقال: إن صلى جالساً من أول صلاته فإنهم يصلون خلفه جلوساً أجمعين.

أما إن اعتل أثناء الصلاة فجلس، أتموا صلاتهم قائمين لحديث أبي بكر، وهو مذهب طائفة من أهل الحديث وهو اختيار ابن المنذر وابن خزيمة.

2- وقال جمهور العلماء: يصلون خلفه قياماً مطلقاً سواء ابتدأ الصلاة جالساً أو اعتلَّ أثناءها، لحديث أبي بكر.

قالوا: وحديث أبي بكر في مرضه فهو حديث ناسخ للأحاديث المتقدمة فهو الحديث المتأخر.

والراجح ما ذهب إليه الحنابلة لأن الجمع أولى من النسخ.

والحمد لله رب العالمين

قال المؤلف رحمه الله: (وتصح خلف من به سلس البول بمثله)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015