وإن كان مجهول الحال لم تثبت عدالته ولم يثبت فسقه فيصح الاقتداء.
والمستحب عدم ذلك وذلك - أي صحة الصلاة خلفه –؛ لأن الأصل في المسلمين العدالة.
وكذلك عندهم الحكم في المبتدع فالفسق يدخل فيه الفسق في الاعتقاد والفسق في العمل.
أما الفسق في الاعتقاد فهو أن يفعل بدعة لا تكفره، وأما الفسق بالعمل فهو أن يفعل كبيرة أو يصر علي صغيرة.
فإذن: الصلاة خلف الفاسق باطلة سواء كان فسقه في الاعتقاد أو الفعل، هذا هو تقرير مذهب الحنابلة.
وذهب جمهور أهل العلم: إلى أن الصلاة صحيحة، واستدلوا بأدلة كثيرة من السنة:
ما ثبت في البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطؤوا فلكم وعليهم)
وما ثبت في مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أئمة الجور: (صلوا الصلاة لوقتها ثم اجعلوا صلاتكم معهم نافلة) فصححها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبما رواه أبو داود في سننه من حديث مكحول عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم براً كان أو فاجراً وإن عمل الكبائر) وفي إسناده انقطاع، ومع ذلك فهو أصح مما استدل به أهل القول الأول وله شواهد تدل عليه.
وبما رواه الدارقطني بإسناد ضعيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (صلوا خلف كل من قال لا إله إلا الله وعلى كل من قال لا إله إلا الله)
قالوا: وعليه عمل السلف الصالح، فقد كانوا يصلون وراء أئمة الجور مع ثبوت فسقهم، كما صح ذلك عن أبي سعيد الخدري في الصحيحين، وعن ابن عمر في البخاري، وعن الحسن والحسين في البيهقي وابن أبي شيبة حتى حكاه بعضهم إجماعاً للصحابة، والمراد في صلاتهم خلف من كان فسقهم فسق عمل.