وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يؤم القوم أقرؤهم) يدخل في ذلك العبد والحاضر والمسافر والبدوي وغيرهم – وإن كان من هذه الأشياء التي ذكرها المؤلف ما يكون مرجحاً.
فلا شك في ترجيح إمامه المقيم على إمامة المسافر مع التساوي، ولا شك بتقديم المختون المطبق للسنة على الأقلف الغير مطبق لها، فيقدم؛ لأنه أطوع لله عز وجل وأكثر تطبيقاً للسنة.
أما أن يكون هذا أولى مطلقاً فليس بصحيح.
فإذن: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله مطلقاً، أما في مسائل الترجيح فإنه يرجح مثل من تقدم كالمقيم وغيره.
والحمد لله رب العالمين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا تصح خلف فاسق ككافر)
أي لا تصح الصلاة خلف الفاسق كما أنها لا تصح خلف الكافر، فالصلاة خلف الكافر فقد اتفق أهل العلم على بطلانها.
وهنا يقيس الفاسق في الإمامة على الكافر بجامع أن كلا منهما لا يقبل خبره لمعنى في دينه، فهذا للكفر وهذا للفسق.
وفي ابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يؤمن امرأة رجلاً ولا أعرابي مهاجراً ولا فاجر مؤمناً) لكن الحديث إسناده ضعيف جداً.
فالمشهور من المذهب: أن الصلاة خلف الفاسق باطلة لا تصح.
وهل المقصود بالفاسق من ظهر فسقه أم من خفي؟
قولان للحنابلة:
الأول: أن المقصود من ظهر فسقه.
الثاني: أنه وإن خفي فسقه فحكمه كذلك.
واستثنوا من ذلك صلاة العيد والجمعة، فقالوا: تصح خلف الفاسق؛ لأن صلاة الجمعة والعيد تكون في الأصل وراء إمام واحد فهذا هو أصل مشروعيتها ففي إبطالها وراء الفاسق تفويت لها.
وعليه فإذا كانت الجمعة تصلى مع أكثر من إمام وكذلك في العيد فيجب أن يتحرى الإمام العدل.
فرأوا بطلان الصلاة خلف الفاسق لكن إن رأى أن المصلحة في الصلاة وراءه ودرء المفسدة بذلك صلى وأعاد صلاته.
وله أن يصلي معه بنية المفارقة فيقتدي به في الظاهر وينوي في الباطن مخالفته.