واستدلوا: بما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وهذا عام في إدراك الوقت وإدراك صلاة الإمام، ولذا ورد في مسلم لفظ: (من أدرك ركعة من صلاة الإمام فقد أدرك الصلاة) .
قالوا: وقد روى النسائي في سننه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة) قالوا: ولا يحصل إدراك الجمعة – حتى عند الحنابلة - إلا بإدراك ركعة منها، قالوا: فكذلك غيرها من الصلوات والمعتبر عند الشارع هو الركعة كما تقدم في إدراك الوقت وأما إدراك أي جزء وإن كان بقدر تكبيرة الإحرام فإن هذا لا يعلق به الشارع فالتعليق به غير معتبر.
وهذا ما رحجه شيخ الإسلام وهو الراجح: وأن صلاة الإمام إنما تدرك بإدراك الركوع الأخير من صلاته.
وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فما أدركتم فصلوا) فليس فيه أن من فعل ذلك فقد أدرك صلاة الإمام، وإنما فيه أنه يدخل مع إمامه فيصلي مما أدرك ويتم ما بقى وهو مشروع وسيأتي دليل مشروعيته.
ثم إن هذا الحديث عام، والحديث المتقدم يخصصه.
وليس معنى ذلك أن من أدرك الإمام قبل أن يسلم يثبت له فضل الجماعة، وهو الذي عليه السنة وأن من أدرك مع الإمام شيئاً من صلاته بل من أتى والإمام قد سلم من صلاته وقد توضأ وأحسن وضوءه وراح إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا فإنه يثاب كأجر المصلين مع الإمام.
فقد روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً) .
وهذا مثال يتضح فيه الخلاف وفائدته:
لو أن رجلاً مسافراً دخل مسجداً - إمامه رجل مقيم - فأدركه في الركوع من الركعة الأخيرة فإنه يجب عليه أن يصلي أربعاً لأنه قد ارتبطت صلاته بصلاة إمامه.