وأما قوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} فإن هذا ليس إبطالاً من المكلف وإنما إبطال من الله عز وجل، فإن الله قد أبطلها بكونه قد أخبر على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه لا صلاة إذا أقيمت المكتوبة.
كما أن حديث ابن بحينة ظاهر في ذلك فإن لفظه (أقيمت الصلاة فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي) والظاهر أنه كان يصلي قبل الإقامة.
وعموم الحديث المتقدم كاف في ذلك.
وأما جمهور العلماء فإنهم لا يبطلون الصلاة – على تفصيل مختلف فيه بينهم -.
(إلا أن يخشى فوات الجماعة) هذا استثناء فهو يتمها خفيفة وإن فاتته تكبيرة الإحرام، وإن فاتته ركعة أو ركعتين ما لم يخش فوات الجماعة لأن الصلاة نفل وحضور الجماعة واجب، فوجب عليه أن يقطع صلاته ليشهد ما وجب عليه من حضور الجماعة فالبقاء على النفل قد عارضه واجب وهو حضور الجماعة فكان عليه ألا يتمها إذا خشي فوات الجماعة.
ومذهب الظاهرية: أنه متى ما أقيمت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم، وهذا فيه من المصالح ما فيه من تسوية الصفوف وشهود تكبيرة الإحرام ومتابعة الإمام ونحو ذلك من المصالح.
وهذا القول هو الأظهر فهذا تنفل تعارضه المصالح الشرعية من إقامة الصفوف وتسويتها فكان هو المشروع نظراً لمصلحة صلاة الإمام ومن معه.
قال: (ومن كبّر قبل سلام إمامه لحق الجماعة)
رجل أتى والإمام يصلي وهو في التشهد الثاني فقبل أن يسلم الإمام كبر المأموم فقال: (الله أكبر) فإنه يدرك الجماعة – - هذا هو المشهور في مذهب الحنابلة وهو مذهب الجمهور.
واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وقوله: (فما أدركتم فصلوا) ظاهر ذلك مطلق الإدراك وإن أدرك قدر تكبيرة الإحرام.
وذهب المالكية: إلى أنه لا يدركها إلا بإدراك آخر ركوع فيها.