والسلام-: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) وأهل العلم يحملون ذلك على أوقات السعة، أو على قيام الليل كما يقول بعضهم، أما اغتنام الأوقات والأماكن الفاضلة فالسلف عرف عنهم ذلك، فالذي لا يؤنس من نفسه مثل هذه الأشياء بل يشق عليه أن يتابع القراءة مثل هذا يقدح في مثل هذه الأمور ولا يصدق، هذا ليس بمعقول، حتى قال بعضهم: المؤسف أنه الآن أستاذ في القرآن وعلومه، نعم لكنه ليس من أهل القرآن، لما ذكر له أن الإمام أحمد يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة قال: ليس بمعقول، وكان المدرس يقول: هذا الكلام طالب، المدرس يقول له: ليس بمعقول؛ لأن عنده صالون يجلس فيه ثلاث ساعات يحلق شعره؛ لأنه شخص حليق، ما هو بمعقول، اهتمامهم غير اهتمامك، وجلدهم غير جلدك، وصبرهم غير صبرك، عرف في السلف كثرة العبادة وطول القيام، وأثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، و"من كان بالله أعرف كان منه أخوف"، والذي لا يزاول هذه الأشياء لا يصدق بها، لا يصدق، كيف يقرأ القرآن بيوم؟ لا، يقرأ القرآن بيوم، لكن ما ينبغي أن يكون ديدن وعادة وطول السنة يختم كل يوم؛ لأنه يعوقه عن بعض المصالح التي نفعها أعم.
(أل) في قوله تعالى: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [سورة البقرة: 187]، للجنس، فكل مساجد الدنيا يسن فيها الاعتكاف، وليس خاصاً بالمساجد الثلاثة –أعني المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والأقصى- وما ما يروى عن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي - عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)) [هذا حديث ضعيف]، ويدل على ضعفه أن ابن مسعود -رضي الله عنه- ضعفه حين ذكر له حذيفة - رضي الله عنه-: " أن قوماً يعتكفون في مسجد بين بيت حذيفة وبيت ابن مسعود فجاء حذيفة إلى ابن مسعود زائراً له، وقال: " إن قوماً كانوا معتكفين في المسجد الفلاني ينتقدهم" فقال له ابن مسعود - رضي الله عنه-: " لعلهم أصابوا فأخطأت، وذكروا فنسيت"، وعلى فرض صحته يحمل على أنه لا اعتكاف أكمل من الاعتكاف في المساجد الثلاثة.
والاعتكاف مسنون، هذا حكمه كما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم.