قد يقول قائل: ما بي ّ ن ما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - صم يوماً مكانه، أقول: ورد في بعض الروايات، وإن كانت بمفرداتها لا تثبت، إلا أنها بمجموع هذه الطرق تدل على أن له أصلاً، والكفارة كما هو معلوم احتراماً للزمن، وبناءً على ذلك لو كان هذا في قضاء رمضان، فالقضاء واجب، وعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه، لكن ليس عليه كفارة؛ لأنه ليس في شهر رمضان، والكفارة إنما شرعت من أجل احترام رمضان، لو كان الرجل معذوراً بجهل أو نسيان، لو كان الرجل معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه، وكذلك المرأة، فبوجوب الكفارة والقضاء خلاف بين أهل العلم، لكن الأحوط القضاء دون إيجاب الكفارة، دون إيجاب الكفارة، وقد يقال: إن الرجل كان جاهلاً، وألزم بالكفارة فالجواب: أن هناك فرقاً بين جهل الحكم، وبين جهل ما يترتب على الحكم، شخص يعرف أن الزنا حرام مثلاً، لكن لا يعرف أن حده الرجم، جاهل، فجاء إلى الإمام وقال: أنه زنى وهو محصن، يظن أنه بيجلد مائة جلدة ويطلق صراحه، قال: لا، أنت عليك الرجم، قال: أنا جاهل ما أعرف الحكم، لكنك تعرف الزنا وأنه حرام، لا يلزم منه أن تعرف الحكم أو الأمر المترتب على الزنا.
قد يقال: إن الرجل كان جاهلاً، وألزم بالكفارة فالجواب: أن هناك فرقاً بين جهل الحكم، وبين جهل ما يترتب على الحكم، فالذي لا يعرف تحريم الزنا يختلف حكمه، الذي لا يعرف تحريم الزنا لا يدري أن الزنا حرام، وهذا يتصور في مسلم حديث العهد في الإسلام، أو عايش في مكان لم تبلغه شيء من الشرائع، وإلا فمثل هذا معلوم من الدين بالضرورة.
هذا يختلف حكمه عن حكم من يعرف التحريم، لكن يجهل أن عليه الحد، فالأعرابي كان يعرف تحريم الجماع في نهار رمضان، ولذا قال: يا رسول الله هلكت، قال مالك: قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هل تجد رقبة؟ )) الحديث.
على أن الإكراه على الجماع مسألة مختلف فيها بين العلماء، يعني تصور أن تكره المرأة على الجماع، لكن هل يتصور أن يكره الرجل عليه؟