قوله: "ولا تسن الفرعة ولا العتيرة" الفرعة: بفتح الراء, الفاء والراء نحر أول ولد الناقة, والعتيرة: هي ذبيحة رجب؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً: ((لا فرع ولا عتيرة)) متفق عليه, هذا نفي, لا فرع ولا عتيرة لكن يراد به إيش؟ النهي, الأصل في النفي كما هنا أن النفي يأتي ويراد به النهي, وحينئذٍ يكون أبلغ في المراد؛ لأن النفي يتجه إلى الحقيقة أكثر من اتجاه النهي, لأنه قد توجد الحقيقة مع وجود النهي لكن مع وجود النفي لا توجد الحقيقة, فإذا نفينا مع وجود الحقيقة عرفنا أنه للنهي, وبهذا يكون أقوى, روى نبيشة الهذلي قال: قالوا: يا رسول الله إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية فما تأمرنا؟ قال: ((اذبحوا لله -تبارك تعالى- في أي شهر كان, وبروا لله -عز وجل- وأطعموا)) قالوا: إنا كنا نفرع فرعاً في الجاهلية فما تأمرنا؟ قال: ((في كل سائمة فرع, تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل)) قال نصر -شيخ أبي داود نصر بن علي-: "استحمل للحجيج" ((ذبحته فتصدقت بلحمه)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه, وصححه الحاكم والألباني, هذا الحديث يدل على أن هناك فرع وهناك عتيرة يُجمع بينهما: أن الشرع إنما أبطل الفرع الذي كانوا في الجاهلية يذبحونه لأصنامهم, والذبيحة التي كانوا يخصون بها رجب، وفي المبدع: أن الفرع والعتيرة منسوخ, يعني هذا الحديث حديث نبيشة الهذلي منسوخ بحديث أبي هريرة: ((لا فرع ولا عتيرة)) منسوخ بحديث أبي هريرة لأمرين: أحدهما: أن راويه أبو هريرة متأخر الإسلام, قاله في الشرح الكبير, والثاني: أن فعلهما كان متقدماً على الإسلام فالظاهر بقاؤه إلى حين النسخ, فلو لم يكن منسوخاً للزم النسخ مرتين, نعم, إذا عملنا بالحديثين معاً, إذا عملنا بحديث: ((لا فرع ولا عتيرة)) وعرفنا أنه نفي يراد به النهي, وعملنا بحديث نبيشة الذي يثبت الفرع والعتيرة, نقول: هذا جاري على الأصل، وذاك ناقل عن الأصل, والحديث الناقل عن الأصل أولى من الجاري على الأصل, وإلا لقلنا: إنه كانت في الجاهلية في فرع وعتيرة, ثم جاء النهي عن الفرع والعتيرة, ثم بعد ذلك أبيح الفرع والعتيرة في حديث نبيشة, وهذا يلزم عليه النسخ مرتين, وهو خلاف الظاهر بخلاف تأخر النهي, فإذا قلنا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015