قال -رحمه الله-: "فإن بدأ بالمروة سقط الشوط الأول" يعني فلا يحتسبه؛ لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وبداءته بالشوط الأول، وأمره -عليه الصلاة والسلام- في رواية النسائي: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)) {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} [(158) سورة البقرة] فالله –سبحانه- بدأ بالصفا ذكراً فعلينا أن نبدأ به فعلاً، الشارح البهوتي يقول: يكثر من الدعاء والذكر في سعيه، لكن أي ذكر؟ وأي دعاء؟ هل المراد بالأذكار في الطواف والسعي الأذكار التي ألفت فيها الكتب، دعاء الشوط الأول، دعاء الشوط الثاني .. إلى آخره، هذه الأدعية وإن جاء في بعضها نصوص إلا أن تخصيصها في هذا الوقت وفي هذا المكان يحتاج إلى دليل، وإلا بعضها مأثور، لكن ما هو بمأثور في هذا المكان.
يقول أبو عبد الله، من أبو عبد الله؟ في كلام الشارح؟ أحمد، "كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة قال: ربِ اغفل وارحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم" أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني والبيهقي، وصححه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء.
هذا دعاء عن صحابي، وقوله: "كان ابن مسعود إذا سعى قال" يدل على أنه يقوله كل ما سعى، وهو صحابي جليل، من علماء الصحابة وفقهائهم، وعلى وقاعدة المذهب لا بأس أن يلتزم مثل هذا الدعاء؛ لأنه ثبت عن صحابي.
يقول الشارح: "ويشترط له نية وموالاة، وكونه بعد طواف نسك ولو مسنوناً" اشترطوا له نية، يعني كما في الطواف، والمقصود بذلك قصد المشي في هذا المكان تعبداً لله -عز وجل-، وإلا فلا يشترط للسعي كالطواف نية تخصهما، فعلى هذا لو دار في المطاف أو في المسعى ليتابع مدين له، أو لأمر صحي على ما تقدم فإنه لا يجزئه، لا يجزئه الطواف ولا السعي، فلا بد من النية؛ لعموم حديث: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) والموالاة شرط قياساً على الطواف، وعند الإمام أحمد: لا تشترط الموالاة، يعني وإن اشترطت في الطواف؛ لأن المسعى قد تشق فيه الموالاة؛ لأنه طويل المسعى، فلو اشترطت -جعلت شرطاً- لشق على كثير من الناس، ويشترط أيضاً كونه بعد طواف نسك، ولو مسنوناً، (لو) هذه للخلاف القوي، و (حتى) للمتوسط، و (إن) للخلاف الضعيف.