حتى ذكر ابن عبد البر عن ابن عمر أنه كان يكفف دابته لتقع مواطئها على مواطئ دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن مثل هذه الأشياء التي بالغ ابن عمر بالاقتداء به مما ليس لها علاقة بالتعبد خالفه جمهور الصحابة، ولم يفعل ذلك من هو أفضل من ابن عمر، فهل المسألة التي معنا من هذا القبيل، فنقول: كل حاج ولو لم تكن ثنية كدا على طريقه يدخل من قبلها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعله، أما من كانت على طريقه فلا إشكال، المسألة مفترضة في شخص ليس ثنية كدا على طريقه هل نقول: خذ لفة كاملة لكي تدخل مكة من الثنية العليا؟ أو نقول: إن الطريق ليست مقصودة لذاته، المقصود الوصول إلى هذه الأماكن المقدسة من أي طريق كان، نعم؟

الأماكن إذا لم يتعبد بالمقام فيها هل لها أثر في العبادات؟ التي ما تعبد بها، المبيت بالمحصب على ما سيأتي كثير من أهل العلم يقولون: إنه سنة؛ لأنه فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو بات شخص بغير محصب هل يكون أدى السنة؟ أو نقول: احتاجوا للراحة وهذا أنسب مكان بالنسبة لهم؟ نقول: هذا أمر ينبغي الاهتمام به والتنبه له، مثل هذه الأماكن دعنا من الأماكن التي شرع أو رتب فيها بعض المناسك كعرفة ومزدلفة ومنى، والبيت والمسجد، وما أشبه ذلك هذا أمر مفروغ منه، لا يقول قائل: إن عرفة مكان أفيح يجتمع فيه الناس كلهم، ولا يوجد أنسب منه في ذلك الوقت، فلو هيأ غيره مثلاً ليكون أنسب نقول: لا أبداً هذا محل عبادة ومتعبد بالمكث فيه وليس قابل للاجتهاد، والحج عرفة، ومثله يقال في مزدلفة ومنى، لكن المسألة فيما عدا ذلك، مما وقع منه -عليه الصلاة والسلام- لا على سبيل التعبد.

لا شك أن الإنسان إذا لم يشق عليه الدخول مع الطريق الذي دخل منه -عليه الصلاة والسلام-، ونوى بذلك الإقتداء والإئتساء لن يحرم الأجر -إن شاء الله تعالى- على هذه النية، أما إذا كان يشق عليه وهناك من الطرق ما هو أيسر وأسهل له، فاليسر والسهولة والسماحة من أوصاف هذه الشريعة، وكثير من أهل العلم يرجح ما كان أيسر على المسلم وأسهل له إذا لم يترتب عليه أجر لذاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015