والخروج من الثنية السفلى ثنية كُدي؛ لما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل من الثنية العليا التي بالبطحاء، ويخرج من الثنية السفلى، متفق عليه، يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة نهاراً من أعلاها من الثنية العليا، التي تخرج على الحجون، الرسول -عليه الصلاة والسلام- فعل ذلك، هل نقول: إنه دخل من الثنية العليا لأنها هي المناسبة لطريقه، يعني وقع الدخول هكذا اتفاقاً من غير قصد؛ لأن الثنية العليا على طريقه، والخروج من الثنية السفلى لكونها أسمح وأسهل للخروج، أو نقول: لأن السنة هكذا ولو لم تكن على طريق الحاج يسن أن يدخل مكة من أعلاها كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء من المدينة، لو افترضنا أن حاجاً جاء من اليمن أو من نجد نقول: يسن له أن يدخل من أعلاها من ثنية كدا؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل ذلك، فعلى هذا يكون العمل مسنوناً، ويقتدى به في ذلك، أو نقول: هذا المناسب له -عليه الصلاة والسلام-، والخروج من أسفلها لكونه أسمح لا شك أنه إذا وجد طريق سمح سهل، ولو كان أبعد يعني لو رجع مع طريقه ألا يكون أقرب له من الطريق الثاني، يعني لو خرج من الطريق الذي دخل منه -عليه الصلاة والسلام-، أقرب إلى المدينة أو أقرب ليذهب من أسفلها ثم يلتف مرة ثانية على مكة فيخرج؟ الأول الطريق الذي جاء معه أقرب له -عليه الصلاة والسلام-، لكن الأرفق بالإنسان عموماً سلوك السهل، ولو كان أطول، نعود إلى المسألة مرة أخرى، فهل نقول كما قال المؤلف: يسن الدخول من أعلها، والخرج من أسفلها لكل حاج، ولو كانت على غير قصده، على غير طريقه اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- بغض النظر من كونها على طريقه أو لا؟ لأن النبي فعل فلنفعل، وهذا لائق بابن عمر، نعم، هذا لائق بابن عمر؛ لأنه يتتبع مثل هذه الأعمال التي فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو لم تكن من العبادات المحضة.