وأما الحساب فلا يعول عليه، ولا يعتمد على التقاويم في دخول الشهر ولا خروجه، وقد ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- الإجماع على أنه لا يجوز العمل بالحساب في إثبات الأهلة، ونقل ابن حجر في فتح الباري عن أبي الوليد الباجي إجماع السلف على عدم الاعتداد بالحساب وإجماعهم حجة على من بعدهم.
((صوموا لرؤيته)) الخطاب للأمة، الخطاب للأمة، ((صوموا لرؤيته))، وإن كان في الأصل الخطاب لمن حضره -عليه الصلاة والسلام- لكن من غاب عنه في حكمه؛ لأن خطابه للواحد خطاب للجميع، ((صوموا لرؤيته)).
هنا مسألة وهي مسألة اختلاف المطالع، هل هذا الخطاب للأمة بكاملها؟ أو خطاب لمن تتصور رؤيته للهلال؟ بمعنى أنه لو رؤي الهلال رآه المسلم في أقصى المشرق هل يلزم أهل المغرب الصيام وإن لم يروه؟ أو العكس؟ أو نقول: كل بلد، وكل إقليم له رؤيته، وهذه مسألة معروفة عند أهل العلم، مسألة اختلاف المطالع، والمطالع اختلافها معلوم بالضرورة حساً وعقلاً، لا شك أن الهلال يُرى في بلد، ولا يُرى في بلد آخر، يرى في إقليم ولا يرى في إقليم آخر، لكن هل هذه الاختلاف له أثر في الحكم؟ بمعنى أنه إذا رؤي في الإقليم الفلاني يلزم الناس، يلزم الأمة كلها على وجه الأرض الصيام، وقد تمت رؤيته من قبل المسلمين، واللفظ يحتمل.
أو النص يتجه إلى من تمكنه الرؤية، تمكنه الرؤية، واللفظ أيضاً يحتمل، وقع الخلاف بين علماء المسلمين باعتبار اختلاف المطالع في ابتداء صوم شهر رمضان والفطر منه، وعدم اعتباره، وسبب ذلك، سبب الخلاف أولاً: اختلاف المطالع معروف، معلوم بالضرورة حساً وعقلاً، معروف أن الهلال لا يرى في الدنيا كلها، نعم المطالع مختلفة، لكن هل لهذا الاختلاف أثر في الحكم الشرعي؟
العلماء يقولون: هذه المسألة من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والخلاف فيها سائغ، لماذا؟ لأن لفظ الحديث: ((صوموا لرؤيته)) يحتمل، ((صوموا)) أيها المسلمون كلكم لرؤية الهلال، وأفطروا لرؤيته، وعلى هذا إذا رؤي الهلال، على هذا الفهم إذا رؤي الهلال في أي قطر من أقطار المسلمين فإنه يلزم المسلمين الصوم في جميع أقطار الأرض.