الاحتياط الذي يؤدي إلى فعل محظور كما هنا، فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، الاحتياط الذي يؤدي إلى فعل محظور أو ترك مأمور، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى: "الاحتياط في ترك هذا الاحتياط" "الاحتياط في ترك هذا الاحتياط".
وعلى كل حال فعل ابن عمر اجتهاد منه، وهو في مقابل نص صحيح صريح، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم -صلى الله عليه وسلم-.
ثبت عنه -رضي الله عنه- أنه كان يفارق مجلس العقد خشية أن يستقيله البائع أو المشتري، وقد صح النهي عن ذلك، ثبت عنه أنه كان يكفكف دابته لكي تقع أخفافه على أخفاف أو مواطئ أخفاف ناقة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان يتتبع الآثار التي نزل بها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويظن أن هذا يدخل في الاقتداء، له اجتهادات وتشديدات لم يوافق عليها، ولم يفعلها من هو أفضل منه من الصحابة -رضوان الله عليهم-، وحينئذ فلا بد من الرؤية أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.
والرؤية المراد بها ما كان بالعين المجردة؛ لأنها هي الأصل، هذا الأصل، لكن لو استعمل فيها ما يساعد على الوضوح كالدرابيل والمراصد مثلاً، فالأدلة تدل على عدم تكليف الناس بذلك؛ لأن الله -سبحانه تعالى- لا يكلف نفساً إلا ما آتاها، لا يكلف نفساً إلا ما آتاها، فليست الأمة مأمورة بأن تجعل المراصد، والدرابيل من أجل رؤية الهلال، إن رؤي بالعين المجردة، وإلا أصبح الناس مفطرين، لكن لو استعمل، من طالع الهلال بواسطتها وجزم بأنه رآه بعد غروب الشمس وهو مسلم عدل، فقد قال الشيخ عبد العزيز -رحمه الله-: "لا أعلم مانعاً من العمل برؤية الهلال؛ لأنها من رؤية العين المجردة"، فهو رأى الهلال بعينه، لكن بواسطة هذه الآلات، فالهلال موجود قطعاً، لكن نعلم أننا لسنا مكلفين باستعمال هذه الآلات، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها، هذا الأصل، لكن لوا استعملت فالشيخ -رحمه الله- لا يعلم مانعاً من العمل برؤية الهلال بواسطة هذه الآلات يقول: لأنها من رؤية العين المجردة.