الثوري وبعض السلف قالوا: لا يجوز للمحرم الأكل من لحم الصيد مطلقاً؛ لعموم قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] حرم الصيد، وعلى مذهب هؤلاء أن المراد بالصيد هو المصيد، {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] يعني حرم عليكم أكل المصيد، لكن الجمهور حملوه على الاصطياد، التحريم على الاصطياد، ولحديث الصعب بن جثامة -رضي الله عنه- أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان فرده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا لأنا حرم)) متفق عليه، وهو محمول على أنه صاده من أجل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ليتفقا مع حديث أبي قتادة.
"ولا يحرم" بحرم ولا إحرام "حيوان إنسي" كالدجاج وبهيمة الأنعام؛ لأنها ليست بصيد، وهذا إجماع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يذبح البدن في إحرامه في الحرم.
ولا يحرم صيد البحر إجماعاً؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [(96) سورة المائدة] هذا إذا لم يكن بالحرم، فإن كان بالحرم حرم صيده، جزم به غير واحد؛ لأن التحريم فيه للمكان، وليس من أجل الإحرام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لو وضع حوض مثلاً في مكة فيه سمك داخل الحرم منعه أهل العلم؛ لأن التحريم للمكان، أما تحريم صيد البر ما دمتم حرماً يُخرج صيد البحر ما دمتم حرماً، يجوز للمحرم أن يصيد أو يجوز للمحرم أكل صيد البحر، ما دمتم حرماً، العلة في ذلك الإحرام، مفهوم تحريم صيد البر حل صيد البحر للحرم وهو المحرم، لكن الحرم لم يتعرض له بشيء بالنسبة لصيد البحر، ولذا قالوا: هذا إذا لم يكن بالحرم، فإن كان بالحرم حرم صيده، جزم به غير واحد؛ لأن التحريم فيه للمكان.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لكنه صيد؛ لأن صيد البر حرم على الحرم، مفهومه حل صيد البحر هذا بالنسبة للحرم، أما بالنسبة للحرم فلم يتعرض له بشيء، فإن كان صيداً وأصله من البحر أو بحري فيسمى صيد، ولا ينفر صيده، هذا من حيث العموم، لا شك أن الاحتياط مطلوب، لكن يحتاج مثل هذا إلى دليل.