قوله: "وعلى الأفقي دم" أي يجب على الأفقي إن أحرم متمتعاً أو قارناً دم نسك، دم شكر لا دم جبران؛ لأنه لو كان دم جبران لما ساغ له وجاز له أن يأكل منه، وقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أكل من هديه، والمراد بالأفقي من ليس من أهل الحرم، وهو من هو دون المسافة، يعني مسافة القصر، فلا شيء عليه حينئذٍ؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] يقول ابن جرير في تفسيره: "اختلف أهل التأويل فيمن عني بقوله: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] بعد إجماع جميعهم على أن أهل الحرم معنيون به، وأنه لا متعة لهم، يعني أهل مكة قولاً واحداً يدخلون في هذا، فقال بعضهم: عني بذلك أهل الحرم خاصة دون غيرهم، وذكره بسنده عن ابن عباس ومجاهد، وقال آخرون: عني بذلك أهل الحرم ومن كان منزله دون المواقيت إلى مكة، دون المواقيت يعني ولو زادت المسافة على مسافة قصر، وذكره بسنده عن مكحول وعطاء، وقال بعضهم: بل عني بذلك أهل الحرم ومن قرب منزله منه كعرفة وعرنة وضجنان والرجيع وغيرها، وذكره بسنده عن عطاء والزهري وابن زيد، ثم قال ابن جرير: وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندنا قول من قال: إن حاضري المسجد الحرام من هو حوله ممن بينه وبينه من المسافة ما لا تقصر إليه الصلوات، يعني لأن الحاضر يقابله المسافر وكل على مذهبه في هذا، الحاضر يقابل المسافر، مادام الشخص لا يعد مسافر فهو حاضر.