هناك أيضاً الخلاف بين أهل العلم في المفاضلة بين الأنساك لا على سبيل الإلزام، بل هو مخير بينها ذكره بعضهم إجماعاً، وذلك لقول عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنها من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج، وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج" حديث عائشة هذا قولها: "وأهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج" يدل على أنه كان مفرداً، وثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- تمتع، تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتمتعنا معه، وثبت في رواية الأكثر أنه كان نعم؟ قارناً، والتوفيق بين هذه الأحاديث -وهي كلها صحيحة- أن من روى أنه أفرد فقط إما أن يكون قد نظر إلى أول الأمر، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يأتيه الأتي أحرم بالحج كما قالت عائشة، ثم قرن بعد ذلك بعد أن أتاه الآتي وقال: ((صل في هذا الوادي المبارك، وقل)) كذا وكذا، يعني اقرن، وإما أن يقال: إن من قال: أهل بالحج أو أفرد من روى عنه الإفراد يقال: إنه نظر إلى الصورة، صورة عمله -عليه الصلاة والسلام-، لا فرق بين صورة القارن والمفرد من حيث الصورة، فمن نظر إلى حج القارن قال: أفرد؛ لأنه لم يأت بقدر زائد على ما يأتي به المفرد، ومن قال: إنه تمتع -عليه الصلاة والسلام- نظر إلى المعنى العام في التمتع، وهو الإتيان بالنسكين في سفرة واحدة، ومن قال: إنه قرن بينهما فقد حكى الحقيقة والواقع، قال أحمد: لا أشك أنه -عليه الصلاة والسلام- كان قارناً، والمتعة أحب إليّ؛ لأنها أخر ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصفة التمتع كما ذكر المؤلف أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في عامه.