إن صح حديث ابن عباس: ((أيما عبد حج ثم اعتق فعليه حجة أخرى)) فلا كلام؛ لأنه قاطع للنزاع، والشيخ يشك في ثبوته، الترمذي -رحمه الله- قال: أجمع أهل العلم على أن المملوك إذا حج في حال رقه ثم عتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيل، ولا يجزأ عنه ما حج في حال رقه، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، فإن صح الإجماع الذي حكاه الترمذي فلا كلام أيضاً، لكن الإجماعات التي ينقلها الترمذي فيها ما فيها، كما أن غيره ممن ينقل الإجماع قد ينقل الإجماع والخلاف قد يكون معروفاً كالنووي كثيراً ما ينقل الإجماع وينقض الإجماع بنفسه، هو بنفسه يذكر الخلاف، ومثله ابن المنذر بعض إجماعاته، وابن عبد البر وغيرهم مما يحكي الإجماع بعد تفرق الأمة في الأمصار، وأكثر من هذا من يصرح بنفي الخلاف، أو على حد علمه على الأقل حينما يقول: لا أعلم مخالفاً، مثل هذا كثير، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في الموطأ قال: لا أعلم أحد قال برد اليمين، مع أن قضاة عصره يقولون به، ابن شبرمة وابن أبي ليلى، الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- قال: لا أعلم أحد أوجب في أقل من ثلاثين من البقر زكاة، مع أن القول معروف عن عثمان وابن عباس، على كل حال هم بشر، وليسوا بمعصومين، والإحاطة بجميع العلم مستحيلة، وهؤلاء أئمة كبار لكنهم لن يخرجوا مهما بلغوا من العلم عن قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [(85) سورة الإسراء] فالترمذي -رحمه الله تعالى- يقول: أجمع أهل العلم على أن المملوك إذا حج في حال رقه ثم عتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلاً، لا شك أن مثل هذه العبارات سواء صدرت من الترمذي أو النووي أو ابن المنذر لا شك أن لها هيبة، لها هيبة تجعل طالب العلم يتحرى ويتثبت فلا يخالف مثل هذه الكلمة إلا بشيء واضح وضوح الشمس، وإن قال الشوكاني -رحمه الله تعالى-: إن كثير من الإجماعات التي يدعيها ابن المنذر والنووي وأمثالهما تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، نقول: لا، ومع ذلك على طالب العلم أن يهاب الإجماع.
طالب: عفواً يا شيخ.
نعم.