أهل العلم يذكرون في كتب فقه وقواعد المفاضلة بين العبادات الشاقة والعبادات السهلة وأيهما أفضل من يأتي العبادة وهي شاقة عليه ومن يأتيها وهي سهلة على نفسه محببة إلى قلبه؟ فبعض العلماء يفضل إتيان العبادة مع المشقة على إتيانها مع الراحة، وبعضهم بالعكس، وهو الصواب، إتيان العبادة مع الراحة كون الإنسان إذا جاءت الصلاة لا تأتي الصلاة إلا وهو مشتاق إليها، ويشتاق إلى قيام الليل، ويقوم ويتلذذ به وبمناجاة ربه لا شك أنه أفضل ممن يشق عليه القيام، وإن كان لمن يشق عليه الأجر مضاعف، أجر العمل وأجر المشقة، كما جاء فيمن يقرأ القرآن وهو عليه شاق، يتتعتع فيه له أجران، لكن الذي يقرأه وهو سهل عليه يضبطه ويتقنه مثل هذا مع السفرة الكرام البررة وهذا أفضل بلا شك، يؤتى الإنسان أجر العمل وأجر المشقة، لكن أين أجر المشقة من الوعد الثاني؟ وهذا مطرد في العبادات كلها.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"الحج العمرة واجبان على المسلم الحر، المكلف، القادر في عمره مرة على الفور" قوله: "على المسلم" يخرج الكافر، قوله: "مسلم" يخرج الكافر، فالكافر لا يجب عليه الحج، الكافر مخاطب بفروع الشريعة، ومنها الحج على الأصح من قولي العلماء، فكيف يقول المؤلف: واجبان على مسلم؟ مفهوم العبارة أن الحج لا يجب على الكافر، والمرجح عند أهل العلم أن الكافر مخاطب بفروع الشريعة، ومنها الصلاة والزكاة والحج وغيرها من شرائع الإسلام، نعم العبادات لا تصح من الكافر؛ لأن الإسلام شرط لصحة كل عبادة، لقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ} [(54) سورة التوبة] قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [(23) سورة الفرقان] العبادات لا تصح ولا تقبل من الكافر، فلا يطالب بها حال كفره؛ لتخلف الشرط الذي هو الإسلام، كما أنه لا يؤمر بقضائها إذا أسلم، إذاً ما فائدة كونه مخاطباً بفروع الشريعة؟
طالب:. . . . . . . . .