وأما العمرة فاختار المؤلف وجوبها وهو المذهب عند الحنابلة وفاقاً للجديد من قول الشافعي، يقول الإمام البخاري في صحيحه: "باب: وجوب العمرة وفضلها" وقال ابن عمر -تابع كلام البخاري-: وقال ابن عمر رضي لله عنهما: ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: إنها لقرينتها في كتاب الله -عز وجل-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] يقول ابن حجر في فتح الباري: جزم المصنف بوجوب العمرة وهو متابع في ذلك للمشهور عن الشافعي وأحمد وغيرهما من أهل الأثر، والمشهور عن المالكية أن العمرة تطوع وهو قول الحنفية، ابن حجر يقول: هو متابع في ذلك للمشهور عن الشافعي وأحمد، هذا الكلام فيه نظر؛ لأن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- أحد الأئمة المجتهدين، بل هو من كبار الفقهاء، من نظر في صحيحه في تراجمه وفي دقة نظره، ودقة استنباطه، وقارن بين أقواله وبين أقوال أهل العلم وجده من نمط الشافعي وأحمد ومالك وسفيان وإسحاق وغيرهم، فليس بمقلد -رحمه الله تعالى-.
فالإمام البخاري -رحمه الله تعالى- لا يتابع أحداً، وصحيحه وما تضمنه من اختيارات يدور فيها مع النص، يخالف فيها الأئمة أو بعضهم دليل على ذلك.
وسبق في الفتح الجزء الأول هذا الكلام في الجزء الثالث الكلام السابق وهذا في الثالث صفحة (597) سبق في الجزء الأول صفحة (243) من الفتح زلة من الحافظ حيث قال: إن جميع ما يورده البخاري من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل الفن كأبي عبيدة والنضر بن شميل والفراء وغيرهم هذا مقبول لا بأس به؛ لأن اللغة إنما تكون بالتلقي لا بالاستنباط.