ورد في حديث لـ مرثد بن عبد الله اليزني قال: كان مالك بن هبيرة رضي الله عنه إذا صلى على الجنازة فتقال الناس عليها جزأهم عليها ثلاثة أجزاء، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب).
الحديث رواه الإمام أبو داود، ورواه الترمذي، ورجاله ثقات، إلا أن فيه محمد بن إسحاق وقد عنعن فيه، ومحمد بن إسحاق صدوق، ولكن إذا عنعن يخشى من تدليسه، فلذلك الحديث المرفوع فيه ضعف، لكن الموقوف على مرثد بن عبد الله من فعله صحيح.
ويشهد للمعنى المرفوع أحاديث جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى، وهو تقسيم المصلين ثلاثة صفوف على الميت إذا كان العدد قليلاً، فـ مالك بن هبيرة كان إذا صلى على الجنازة فتقال الناس، أي: وجد العدد قليلاً، قسمهم ثلاثة صفوف خلف الجنازة.
وفي حديث آخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ومعه سبعة نفر، فجعل ثلاثة صفاً واثنين صفاً وواحداً صفاً).
فهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم في تقسيم الصفوف خلف المتوفى، فإذا كان الصف في المسجد يسع ستين أو سبعين أو واحداً وكان العدد قليلاً، فإنا نقسم العدد القليل على ثلاثة صفوف، حتى لو وصل الأمر إلى أن يكون وراء الإمام ثلاثة وخلفهم اثنين وخلفهما واحد.
وبذلك تحيا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصر المرء على أن يكون في الصف الأول، بحيث يقوم الناس ويحصل بينهم مشاحة مشاكل والميت بين أيديهم.
وفي حديث مالك بن هبيرة: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)، وفي رواية: (إلا غفر له)، فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف.
وإذا لم يوجد مع الإمام غير رجل واحد فإن الإمام يقف وخلفه هذا الواحد فيصليان على الجنازة.
وذلك بخلاف الصلاة العادية، فإذا كان المصليان اثنين فإنه يقف الإمام وعن يساره الآخر.