جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه ليأتي الرجل السمين العظيم يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة).
خذ جناح الذبابة وانظر كم سيزن؟ لا شيء، فيأتي هذا الرجل الذي كان متعاظماً في الدنيا مستكبراً فيها، وكان لا يلقي للناس بالاً، وإذا جلسوا أمامه يسخر منهم ويستهزئ بهم، ويغمز بعينه عليهم؛ يجيء هذا الإنسان المتطاول يوم القيامة ولا قيمة له، ولا يزن عند الله جناح بعوضة فأمر الدنيا شيء وأمر الآخرة شيء آخر.
صعد عبد الله بن مسعود مرة على شجرة من شجر الأراك يجني من ثمارها، فضحكوا عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مم تضحكون؟ فقالوا: نعجب من دقة ساقيه، وكان سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قصيراً نحيفاً ولما اعتلى صدر أبي جهل ليقطع رقبته اضطر أن يجلس فوق صدره ليقطعها، وكان من فقهاء الصحابة يحتاجون إلى علمه، فلما ضحكوا منه إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يذكر لهم المفهوم الصحيح، وبين لهم أن ساقيه هذه عند الله يوم القيامة أثقل من جبل أحد، أي: فلا تضحكوا على من هذا فضله عند الله وهذا ميزانه يوم القيامة.
أما الكافر الفاجر المستكبر فيأتي يوم القيامة ولا يزن عند الله شيئاً {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:23]، لا هو ولا ماله ولا أعماله، وجعلنا كل الذي عمله هباء منثوراً.
إذاً: الوضع يوم القيامة: من كان في الدنيا يساوي عند الناس شيئاً وهو من المؤمنين إذ به له وضع عظيم، وقد يشفع في أمم كثيرة من الخلق يوم القيامة.