عن حارثة بن وهب رضي الله عنه: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره).
ضعيف في نفسه، وضعيف عند الناس، يعني: لا يرى نفسه من أهل الأبهة ولا الدنيا ولا الرئاسة، ويرى نفسه لا يستحق مثل هذه الأشياء، فهو في نفسه مستضعف والناس ينظرون إليه أيضاً هذه النظرة، فهو قد تواضع وبلغ من تواضعه أن احتقره الناس، ونظروا إليه على أنه لا شيء.
فهو لتواضعه كان كبيراً عند الله سبحانه، وكان له منزلة عند الله، لدرجة أنه لو قال لله عز وجل: يا رب أقسمت عليك أن تفعل كذا.
يفعل الله تبارك وتعالى، تخيل أنه يصل إلى هذه الدرجة وأنه يقسم على الله تبارك وتعالى، فيفعل الله عز وجل ما يريد هذا الإنسان الضعيف؛ لمنزلته العظيمة عند الله سبحانه.
قال: (ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر).
هؤلاء أهل النار: (كل عتل) والعتل: هو الغليظ الجافي الذي لا يألف ولا يؤلف، فلا يحب الناس ولا يحبونه، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (شر الناس من اتقاه الناس مخافة شره)، شر وأوحش الناس من يخاف من شره، لا يجلس جلسة إلا خربها، ولا يتكلم إلا خاف الناس من شره.
والجواظ: هو الجموع المنوع، عنده مال لكنه جامع مانع، عنده عشيرة يمنعونه فهو مستكبر بذلك.
وقيل فيه أيضاً: الضخم المختال في مشيته، الجامع للمال وله عشيرة، وكأنه مستكبر بهذا كله لقوته ولماله ولعشيرته.