قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: [كتاب آداب الطعام.
باب التسمية في أوله والحمد في آخره.
عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: باسم الله أوله وآخره) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء.
وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت.
وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء) رواه مسلم.
هذا باب آخر من كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، فبعدما ذكر كتاب الآداب ذكر أدب الطعام.
ويعني بذلك: ما ينبغي على المؤمن إذا أكل أن يصنعه من ذكر الله عز وجل، ومن طريقة معينة في الأكل يقتدي فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ترك أذية من يأكل معه، ومن ترك الجشع والنهم في طعامه وغير ذلك.
ذكر الإمام النووي هنا باب التسمية في أوله والحمد في آخره، يعني بذلك أن السنة أنك تسمي الله عز وجل عند أول طعامك، وكلنا يعرف ذلك، وفي آخر الطعام يحمد المؤمن ربه سبحانه على ما أعطاه من فضله سبحانه.
وأورد من الأحاديث حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) متفق عليه، وراوي هذا الحديث هو عمر بن أبي سلمة، وأبوه هو أبو سلمة، وأمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فـ عمر بن أبي سلمة كان حينها صبياً صغيراً، ولذلك جاء في رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا غلام! سم الله، وكل بيمينك وكل مما يليك)، وكان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فتطيش يده في الصحفة أو القصعة التي فيها الطعام، أي: يأكل مرة من أمامه ومرة من وسط الصحفة ومرة من آخرها، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم الأدب في الطعام، فهذا ابن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صبي صغير، ومع ذلك لا بد من التعليم والتعويد على الآداب في الطعام والشراب وغير ذلك؛ لأن الإنسان إذا شب على شيء شاب عليه، فإذا شب على أنه يأكل بيده الشمال، أو على أن يده تطيش في الصحفة، أو على أنه لا يحترم الذي أمامه في الأكل، أو على أنه يمد يده إلى الذي أمام غيره فيأخذه ويأكله، فإنه يصير هذا دأبه وطبعه بعد ذلك، فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعود أصحابه من صغرهم على أن يتأدبوا بالآداب الشرعية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك)، وهذا أدب عظيم في الطعام، وهو تسمية الله سبحانه وتعالى، أي: تذكر اسم الله بقولك: (باسم الله) أو: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فتسمي ربك في أول الطعام.
قال: (وكل بيمينك) أي: لا تأكل بشمالك، وإنما كل بيمينك.
(وكل مما يليك) هذا أدب ثالث، وهو أنك تأكل من أمامك، ولا تمد يدك إلى جهة غيرك، ولكن كل من أمامك ليبارك لكم في الطعام، ولا يكون في نفس بعضكم شيء على الآخرين.