عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) أي: لابد للإنسان المؤمن أن يتقي النار وأن يستحضر دائماً ذكر النار وذكر الجنة، فيرجو أن يكون من أهل الجنة ويتعوذ بالله من النار، وليكن على لسانه دائماً: اللهم إني أسألك الجنة، اللهم أجرني من النار.
إذا سألت الله عز وجل الجنة فإن الجنة تخاطب ربها: يارب، إن عبدك يسألك الجنة، يا رب أدخله الجنة، والنار تقول: يا رب أجره من النار، فقد جاء في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم: (أنه من سأل الله الجنة ثلاثاً وتعوذ بالله من النار أيضاً ثلاثاً، تقول الجنة لربها سبحانه: اللهم أدخله الجنة، والنار تدعو ربها أن يعيذه من النار).
وفي حديث آخر: (من قال في يومه سبع مرات ذلك) يعني: أنه يتكرر منه ذلك، كلما ذكر الجنة يقول: اللهم إني أسألك الجنة، سبع مرات، وكلما ذكر النار تعوذ بالله منها سبع مرات، فإذا كان الأمر كذلك كان الله عز وجل لك على حسب ظنك فيه سبحانه وتعالى.
والغرض من ذلك أنك إذا أكثرت من قولك: اللهم أجرني من النار، اللهم إني أسألك الجنة، مستحضراً لذكر الجنة ولذكر النار، فذكرك للنار يجعلك تخاف أن تدخلها فتقوم بالصدقة وبالبشاشة في وجه أخيك وبإعانة الناس على الخير.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن لم يجد فبكلمة طيبة) أي: فمن لم يجد تمرة فبكلمة طيبة، وذلك بأن تقول لأخيك كلمة طيبة، كذلك المسكين الذي يأتي إليك أو الفقير أو المحتاج وليس معك شيء تعطيه فتقول له: أسأل الله أن يسهل لك ويعطيك، وإن أعطانا الله سنعطيك.
فبالكلمة الطيبة تصرف هذا الإنسان طالما أنه فقير أو مسكين، وليس إنساناً محتالاً أو مخادعاً أو سارقاً، فالتعامل مع هذا الفقير أو المسكين إما أن تعطيه شق تمرة فما فوقها وإما أن تعتذر إليه، قال تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء:28] أي: تقول قولاً سهلاً كريماً لهذا الإنسان السائل.