عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه -كما في الصحيحين- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً) أي: أربع من كن فيه امتلأ قلبه بالنفاق والعياذ بالله: (كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها) أي: كان منافقاً نفاقاً مؤقتاً إلى أن يترك هذه الخصلة.
قال: (إذا اؤتمن خان) كأن يؤتمن على الأعراض والأموال وعلى الدماء ويؤتمن على الأسرار فيخون ذلك كله.
و (إذا حدث كذب)، صارت له طبيعة فأصبح لا يحلي كلامه إلا بالكذب، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الكذاب: (لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)، فلا تقع الخصومات في أي معاملة إلا وتجد الكاذب حاضراً، وكان أشد ما يعاقب عليه النبي صلى الله عليه وسلم أهله إذا رأى منهم الكذب.
قال عليه الصلاة والسلام: (وإذا عاهد غدر)، فإذا عاهد وأعطى العهد والميثاق غدر بمن أعطاهم ميثاقه.
(وإذا خاصم فجر)، الفجور في الخصومة.
وقد جاء في الحديث (وإن الكذب يهدي إلى الفجور) فالإنسان يكذب في شيء، ومن ثم في شيء ثان، ومن ثم في شيء ثالث، ومن ثم يفجر، فيظهر الفجور عند الخصومة، فتجد الإنسان الأمين في كل أوقاته على السواء، في وقت الخصومة مع الناس يطلب الحق، لا يريد أكثر من الحق، ولا يغلف كلامه بكلام منمق معسل.
والإنسان الفاجر يبدأ بالاحتيال والمغالطة، وتجده إذا خاصم فجر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأهل الفجور وأهل الكذب هم أهل النفاق.
فاحذر من ذلك، وإذا وجدت نفسك تريد الفجور في الخصومة فتذكر أنك ستقف أمام الله، ولن ينطق عنك لسانك، ستنطق عليك يدك وفخذك، وأول ما ينطق على الإنسان فخذه يوم القيامة، والإنسان يقول: بعداً لكن فعنكن كنت أدافع.
إذا كان للناس عليك حقوق فأد الحقوق من غير جدل، لا تجادل؛ لأنك ستدفع الحق إن عاجلاً أو آجلاً، وإن لم يكن في الدنيا فيوم القيامة، ولا ترم الخصم بذنب من أجل أن تحسن منظرك أمام الناس وتقدح فيه وهو مظلوم فتظلمه بذلك ظلمين، ظلماً بأن شوهت سمعته، وظلماً بأن أكلت ماله، فعلينا أن نتقي الله سبحانه تبارك وتعالى، ونحذر من خصال النفاق التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.