قال سبحانه وتعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199].
وقد أدب الله النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية العظيمة، وأمره أن يأخذ بالعفو، فكأنه يقول له: ليكن خلقك العفو عن الناس، وليكن هذا دأبك وخلقك، بأن تعفو عمن ظلمك.
فقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف:199]، يعني: خذ بأسباب العفو، وليكن ذلك خلقاً لك مع الناس.
وإذا أمرت فأمر بالمعروف، وبشرع الله سبحانه، ولا تأمر بالهوى، وحاشا له صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك، ولكن هذا من باب: إياك أعني واسمعي يا جارة.
فقد كان قلبه ممتلئاً حلماً وإيماناً، ولكنه هنا يأمره بما يتخلق المؤمنون بمثله، فقال له ذلك، والمقصود: اسمعوا أيها المؤمنون فقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب:21].
قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف:199]، أي: بالمعروف وبشرع الله سبحانه.
قال تعالى: {َأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199].
والناس أصناف، والله عز وجل يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتعامل مع كل صنف بما يصلح له، فقال له: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف:199]، أي: فليكن من خلقك العفو، وكم سيبدر من الناس معك من أخلاق تضايقك، حتى تكتمل الرسالة، وتؤدي للناس ما أمرك الله عز وجل بتبليغه، ولذلك فأمر الناس بالعرف، وإذا عفوت عن الناس فليس المقصود مجرد كظم الغيظ فقط، ولكن اعف عنهم.
قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} أي: وأمر الناس كلهم بشرع الله سبحانه وتعالى.
أما أهل الجهل والسخط والبعد عن شرع الله سبحانه فلا تقابلهم بصنيعهم، وإذا تعرض لك إنسان من هؤلاء الجهلة الذين يتعرضون لك فأعرض عنه، قال تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199].
فلا يستحق الجاهل أن تضيع وقتك معه، وأن تنفق جهدك من أجله، ولكن لعله يتعلم من أخلاقك إن صفحت وأعرضت عنه.